Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/02/2010 G Issue 13664
الخميس 11 ربيع الأول 1431   العدد  13664
 
شيء من
الرياض في عصر المرور الإلكتروني (2- 2)
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

الشق الثاني من نظام ساهر هو المتعلق ب(ضبط أداء أفراد المرور)، وهو ما سوف أتحدث عنه اليوم.

النظم المرورية تعتمد في الأساس على زرع (احترام أنظمة المرور) في أذهان الناس؛ حيث تجعلهم يشعرون بأن كل مَنْ استهتر بالنظام ستتم محاسبته، ولن يفلت من المحاسبة أحد.. ولتحقيق هذه الغاية لا بد أن يكون رجل المرور مؤهلاً تأهيلاً تاماً للتعامل مع مهامه بأمانة. هذا التأهيل يبدأ - أولاً - بالتدريب؛ حيث يكون الفرد (متماهياً) مع النظام، مستوعباً لأدق تفاصيله، وهذا ما يعمل القائمون على البرنامج لتحقيقه بكل إصرار وعزيمة ومثابرة. غير أن التدريب وحده لا يكفي؛ ف(الانضباط)، وإشعار الفرد بأنه جزء من النظام؛ تقصيره، أو استهتاره، أو تكاسله سينعكس على فشل المنظومة بكاملها، كان هذا - أيضاً - من أهم مهام المنظومة الإلكترونية التي أتحدث عنها، وهو الشق الخاص بانضباط الأفراد، ومراقبتهم، ورصد مهامهم، وتقييم هذه المهام؛ حيث لا يجدون مناصاً من الالتزام بتأدية ما أُوكل إليهم من مهام.

الرياض بكاملها مغطاة بنظام تحديد المواقع من خلال الأقمار الصناعية، وجميع الدوريات المتحركة مرصودة، ومرصودة مواقعها آلياً، وكذلك تحركاتها، على خارطة ضخمة وتفصيلية في غرفة العمليات.. عندما تتلقى غرفة العمليات اتصالاً عن حادث مروري - مثلاً - يتم تسجيل المكالمة بشكل تلقائي، وفي الوقت ذاته يقوم المأمور الذي تلقى الاتصال بتحديد موقع المبلغ من خلال (جوال) المتصل الذي يتحول إلى (جهاز تحديد مواقع)؛ فيبين الموقع، ويتم تحديد إحداثياته؛ أي أن المتصل لم يعد مطلوباً منه أن يعرف أنه في شارع (جويرية بنت الحارث) أو في ممر (الزاهد أويس)، أو غيرهما من الأسماء القادمة من تاريخ أكل عليه الدهر وشرب؛ فالنظام يُعفيه من هذه المهمة الصعبة، ويتم تحديد موقعه رأساً على الخريطة، ويتم توجيه (أقرب) الفرق للتعامل مع الحادث. والمكالمة مسجلة، وكذلك الزمن الذي استغرقه المأمور مرصود أيضاً، وبمجرد أن تنتقل المسؤولية إلى الفرقة (عربة المرور) يقوم النظام بحساب زمن الإنجاز: منذ أن تلقى الفرد في الميدان البلاغ، حتى وصل إلى الحادث، ومتى انتهى منه. هذه المعلومات يتم رصدها، ورصد زمنها، ويحفظها النظام في ملف إلكتروني خاص بكل فرد؛ حيث يتم الرجوع إليه عند تقييم أداء الفرد، ومعرفة مدى حرصه على تأدية عمله، وينعكس ذلك على ترقيته، أو نقله، وكذلك في استحقاقه للإجازات.

بمعنى آخر: النظام لديه جميع الأفراد متساوون، والعبرة (فقط) بالإنجاز، وليس بالقرابة أو الصداقة؛ فمن شعر من الأفراد بأن رئيسه ظلمه، أو قدم عليه مَنْ لا يستحق؛ فالنظام يكفل حقه كاملاً، ويحميه من أي تسلُّط أو تلاعب أو محسوبيات من رؤسائه، وفي الوقت ذاته يفضح كل المتهاونين والكسالى ويعُريهم؛ أي أن الفرد في الميدان سيعمل على المكشوف، وهو - وليس أحد غيره - المناط به الحفاظ على (مستقبله الوظيفي)، إذا ما التزم وأدى عمله بأمانة فالنظام سيقف معه، وإن هوَ تهاون أو تخاذل أو لف ودار فالنظام سيُعرّيه، ويكشفه، ويقف ضده، ويجعله عرضة للعقاب؛ فالإلكترونيات ليس لها حسيب أو قريب أو نسيب، أو ابن قبيلة أو ابن منطقة، وإنما تتعامل مع (الأرقام) والإنتاجية، ومع ما تقدمه لنفسك فعلاً، وليس هناك أي احتمال آخر، والسبب أن النظام (لا يقبل) إلا بالإنجاز؛ وكل واردة وشاردة مسجلة ومحسوبة في ملفك إلكترونياً، ولا يمكن الفرار من تبعاتها سواء السلبية أو الإيجابية.

بقي أن أشير إلى أن بعض التعليقات على مقال الثلاثاء الماضي أشارت إلى وجود (بخاخ) في الأسواق يستطيع من أراد التهرب من مراقبة الكاميرات أن يبخ به لوحة السيارة؛ فيحميه من الكاميرا، وهذا غير صحيح؛ فالنظام يعمل (بأشعة الليزر)، وليس بالصور (الانعكاسية) مثلما كانت الكاميرات المرورية القديمة؛ ومن يعتقد أن هذا البخاخ المزعوم سينقذه فهو واهم، والتجربة خير برهان، وكما يقولون: «المويه تكذب الغطاس»؛ جَرّبوا..

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد