Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/02/2010 G Issue 13664
الخميس 11 ربيع الأول 1431   العدد  13664
 
تكريم متميز ووفاء نبيل
موسى بن محمد السليم

 

مما لا شك فيه أنّ تكريم الجادّين في دراستهم والمتفوّقين من أبنائنا وبناتنا الطلاّب والطالبات في تحصيلهم العلمي ونهلهم المعرفي، سنّة حميدة ذات آثار إيجابية فاعلة في تشجيع أجيالنا الصاعدة على المزيد من النّهل المعرفي المعطاء والتنافس الدراسي البنّاء وإعدادهم للإسهام بكلّ دراية وإخلاص في مسيرة الخير والبناء، ولقد أحسن صنعاً أصحاب المعالي والسعادة الإخوة الأحبّة أبناء صاحب المعالي الأمير الجليل خالد بن أحمد السديري - حفظهم الله - بتخصيص جائزة تكريمية سنوية للمتفوّقين في تحصيلهم التعليمي والدراسي، استمراراً لما كان في أعماق معالي والدهم العظيم - تغمّده الله بواسع رحمته - من إيمان صادق بأهمية العلم بكل تخصصاته والتعليم بكل معطياته في الإعداد الحق لأبناء الوطن وبناته، والمشاركة المعطاءة في بنائه وازدهاره..

نعم لقد كان معالي الأمير خالد بن أحمد السديري - طيّب الله ثراه - ذا حنكة قيادية ودراية عسكرية، وكان قدوة إدارية وصاحب أيادٍ كريمة إنسانية، وله في كل هذه المجالات إسهامات ومواقف معطاءة في خدمة دينه وملوك بلاده الذين عمل تحت قيادتهم السامية، وفي رفعة وطنه ونفع مواطنيه بكل مبادراته الشخصية واهتماماته الوطنية المخلصة التي عرفت به وتميز بها، أثناء توليه مهامه القيادية أميراً لمنطقة تبوك ثم في المنطقة الشرقية ثم المنطقة الجنوبية ووزيراً للزراعة ثم أميراً لمنطقة نجران حتى وفاته - تغمّده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته -.

وإضافة لكلِّ هذه الصفات الجليلة، كان العلم والتعليم وتشجيع الدارسين في أول اهتماماته ورعايته الكريمة في كل المناطق التي تولّى مهام إمارتها.

ولقد عرفتُ ذلك من سيدي ووالدي محمد بن موسى السليم - رحمه الله وطيّب ثراه - الذي سعد بالعمل مع معالي الأمير الوالد خالد السديري في مهمّات رسميّة ذات أهمية بتبوك والظهران وجيزان، أثناء مرحلة من أهم مراحل البناء وتوطيد الأمن وتعميق الهناء في هذا الكيان الكبير، تحت لواء وقيادة وتوجيهات جلالة المؤسِّس العظيم الملك عبد العزيز - تغمدّه الله برحمته وطيّب ثراه وأسكنه فسيح جناته -.. ولا أنسى أبداً ما كان يحدِّثني به والدي وهو يحثّني على حبِّ القراءة والاهتمام بالدراسة، أنّ مجالس الأمير خالد السديري لا تخلو دائماً من المواعظ الدينية والمناقشات الأدبية والتاريخية والقراءات الشعرية .. وكان - رحمه الله - من أوائل الداعمين لصاحب الفضيلة الداعية الجليل والمربي القدير الشيخ عبد الله القرعاوي - تغمّده الله برحمته وأجزل مثوبته - في نشر العلم والمعرفة بأمور وواجبات الشريعة الإسلامية في مدن وقرى منطقة جيزان، التي تخرّج من معاهدها الدينية علماء أفاضل، ومنهم الشيخ العلاّمة حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله - الذي استقبله الوالد الأمير خالد السديري في مجلسه، عندما أحضره الشيخ القرعاوي معه وهو لا يزال في بداية العقد الثاني من عمره؛ فأعطاه معالي الأمير من رعايته الأبوية الشيء الكثير وشجعه على ملازمة شيخه الجليل والنّهل من معين المعرفة، آملا أن ينفع الله به وطنه ومواطنيه، وكان ذلك ديدنه مع كل طلاّب العلم والمعرفة وخاصة تلاميذ الشيخ القرعاوي وأساتذة حلقاته الدينية التي كان لها حسب ما يعرفه مؤرخو المنطقة، الأثر العظيم في نشر العلم وعشق التعليم بين أبناء جيزان.

ومن الجدير بالذكر أن أشير في هذه العجالة بكل اعتزاز وفخر، إلى أنبل موقف وفاء لا يزال له الأثر المعطاء في نفسي وجدته وأنا في بداية السادسة عشر من عمري من معالي الوالد الشهم الوفي الأمير خالد السديري، عندما بادر - جزاه الله خيراً - باستدعائي أثناء تواجده في الطائف، وذلك بعد بضعة أشهر من وفاة والدي - رحمه الله -، فتشرّفت بالسلام عليه، وكان أول ما سألني عنه مسيرتي الدراسية وأكّد عليّ بكل جد وحزم بدافع من عطفه الأبوي ووفائه لإخلاص والدي، أن أستمر في دراستي حتى التخرّج من الكلية، وأن لا أفكر بتاتاً بالانشغال عن الدراسة أو الانصراف إلى الوظيفة، حتى أستطيع أن أصل إلى ما كان يأمله والدي وما نذرت نفسها من أجله والدتي لإكمال دراستي الجامعية، خاصة وأنني وحيدهما - رحمهما الله -.

إنني في كل مرّة أتذكّر فيها هذا الموقف الكريم الذي يفوح بشذا وفاء الصداقة وصادق المحبة، تخنقني العَبْرة وأذرف الدمعة، ولا أجد إلاّ أن أبتهل إلى الله العليّ القدير أن يتغمّد بواسع رحمته ورضوانه والديّ الكريمين ومعالي الأمير الشهم الوفي خالد السديري ووالديه، وأن ينعم على أصحاب المعالي والسعادة أبناءه الأجلاء وبناته الفاضلات بدوام الخير والهناء في حياتهم ومواصلة البرّ والوفاء لوالدهم، وأن يوفق أبناءهم لمواصلة الإخلاص والعطاء لوطنهم وتعميق هذا الإخلاص الوطني وهذا التميز الاجتماعي في نفوس أحفادهم برّاً ووفاءً واعتزازاً بمسيرة الآباء والأجداد، ومواصلة لهذا العطاء الوطني والاحتفاء العلمي الذي يشرق في سماء (مدينة الغاط) الجميلة بتكريم سنوي متميز للمتفوقين في مسيرة التعليم وببرٍ ووفاء نبيل لذلك الراحل العظيم.

عضو مجلس الشورى



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد