تعيش أنقرة أجواء متقلبة مناخياً يصاحب ذلك حالة من الترقب والقلق السياسي لسرعة رياح تداعيات محاكمة أعضاء المنظمة السرية المسماة (أركينكون) والتي تم اكتشافها بعامل الصدفة، فقد عثرت مجموعة أمنية على صناديق وأكياس مغلفة في منزل المشتبه به تحتوي على وثائق هامة تحمل عنوان: (منظمة أركينكون) وتشمل خططاً عسكرية وسياسية وإعلامية تهدف لإطاحة حكومة أردوغان ومنع حزب العدالة والتنمية من العمل السياسي ومحاكمة زعمائه.
واعترف الإعلامي (تونجاي كوني) بعلاقته بهذه المنظمة وأنه احتفظ بهذه الوثائق لديه وقد تسلمها من أحد منتسبي القوات البحرين في إسطنبول وكانت المفاجأة التي أذهلت المحقق الأمني لاكتشافه بأن الشخصية التي يحقق معها يهدده بأن لديه ملفات سرية أخرى مودعة في أحد البنوك في كندا، وأنه قد انتحل مهنة الصحافة ليندس في إحدى الفضائيات الدينية وليحصل على معلومات سياسية عن حزب العدالة والتنمية الحكام وأنه يهودي الديانة واسمه جاكوب ويحمل جوازاً صالحاً كمواطن كندي، وتم على أثر ذلك تسهيل خروجه من تركيا متجها إلى مونتريال الكندية.
ورافق ذلك أيضاً حالة متقلبة في مستوى العلاقات الثنائية بين أنقرة وتل أبيب وكان سببها التراكم الكمي من عدم الثقة المتبادلة بين حكومتي ودبلوماسية الجانبين ومماطلة الجانب الإسرائيلي في الوفاء بتعهداتها بتسليم عشر طائرات حربية حديثة توجه تلقائياً من الأرض وبدون طيار بعد دفع قيمتها مقدماً من الجانب التركي. وتلاحقت أحداث التباعد السياسي إثر اتهامات أردوغان لإسرائيل باستخدامها أسلحة فسفورية في غزوها لغزة وقتل أعداد كبيرة من سكانها الأبرياء واحتداد النقاش مع الرئيس الصهيوني بيريز وتركه الحوار في منتدى دافوس عام 2008م.
وتشابكت قضية منظمة أركينكون مع البرود الواضح في العلاقات مع تل أبيب ومع العمق في التحقيق الأمني بهذه القضية الكبرى والتي تشغل الرأي العام التركي والتي أضحت تطوراتها تتشابه مع دحرجة كرة الثلج والتي كبرت (جداً) في الفترة الأخيرة وبعد تحريك آليات عسكرية ثقيلة من بوابة الكلية العسكرية في أنقرة متجهة إلى مقر رئاسة الوزراء إلا أن قوى الأمن الداخلي استطاع إيقافها، وحين الاستفسار من القيادة العسكرية في العاصمة أخبروهم أنها مرحلة من تمرين عسكري لحماية المراكز الرسمية أطلق عليه (مناورة باليوس) وبعد مقارنة الوثائق الرسمية لقضية أركينكون توضحت أهداف هذه المناورة العسكرية وتم حجز عدد من العسكريين السابقين وبرتب عليا (الجنرال إبراهيم فرتنا) قائد القوة الجوية السابق والجنرال جتين دوغان نائب رئيس الأركان العامة والجنرال تونجر كيلينج الأمين العام السابق لمجلس الأمن الوطني وعدد كبير من الإعلاميين والقضاة والسياسيين ومعظمهم من المعارضين لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، ويتزامن ذلك أيضاً بمطالبة الصحف الإسرائيلية، وكما جاء في صحيفة هارتيس قولها بأن تركيا تقترب من اللاسامية كردة فعل سلبية لعدم استقبال الرئيس عبدالله كول وأردوغان ليهودا باراك وزير الحرب الإسرائيلي في زيارته الأخيرة لأنقرة، ومع هذا الجو الضبابي المشحون بالترقب الذي تعيشه أنقرة هذه الأيام تصدر أصوات عقلانية وحكيمة من بعض الساسة العسكريين لإيقاف هذه الزوبعة السياسية ومحاولة تهدئة الحياة العامة في العاصمة ومنع كل تقاطع مفاجئ بين حكومة أردوغان والمؤسسة العسكرية وفي هذا الطرف الساخن أيضاً طرحت المغنية الإسرائيلية من أصل تركي (ياسمين ليفي) أغنيتها الجديدة (لا أريد وداعك إسطنبول).
محلل إعلامي- عضو جمعية الاقتصاد السعودية - هيئة الصحفيين السعوديين