لها مع كل صباح ألم جديد، ومعترك متجدد في موقع متغير مختلف، كل يوم لها مسار غير طريق الأمس وزحام لا يختلف كثيراً غير أنه أعتى لعدم معرفة مسارب الطرق، كل يوم مبنى آخر ووجوه ليست بالجديدة ولا بالقديمة، فمع الأيام وتكرار التنقل من مدرسة ومن حي إلى مدارس في أحياء وقرى وهجر باتت الوجوه غير منكرة وغير مألوفة، لا يهم نوع الاستقبال ومدى البشر والترحاب، فبعض تلك الوجوه لها مثل ما للوجه المتنقل البديل من نصيب المعاناة اليومية.. هي في الأوراق الرسمية معلمة وتعمل بكل طاقتها وجهدها وتحت الإشراف وشهادة التقارير، ومع كل ذلك فهي (بديلة) ومدلول البدل هذا أفقدها جلّ حقوقها، هي في منزلها وسجلها الوطني إنسانة كغيرها من المعلمات، وفي دأبها وإخلاصها قد تفضل البعض أو مثلهن، لها زوج في الغالب وأسرة وأطفال وترعى هذه الأسرة بجانب عملها كمعلمة بديلة، فعليها من الأعباء ما على الأخريات، لكنها مع كل فصل دراسي تتعايش (مجبرة) مع المصاعب والمتغيرات من مواصلات وتبدل الفصول وتبدل الأنفس التي تكون أحياناً كالخريف وأحياناً كلهيب الصيف وربما وجدت قلوباً مورقة وارفة غير أنها تبادلها الهم نفسه، المعلمة البديلة سرعان ما تكتسب الخبرات من التعامل مع إدارات المدارس كونها كالغريبة المترحلة الجوالة كل يوم لها مع مدرسة ومديرة شأن، لا تتمتع بالاستقرار ولا هدوء البال، ومع كل ذلك لا يطالها أي حق من حقوق المعلمة النظامية المتعينة بقرار رسمي نهائي، من سنوات احتساب الخدمة إلى الإجازات حتى المرضية والاضطرارية، تحسم منها أيام إجازة الأسبوع والعطل الرسمية وليس لها علاوة سنوية وأجرها مقطوع بالساعة علمًا أنها تعمل كمثيلتها المترسمة، هي الحاجة والضرورة لمرتبها البسيط الذي يتأخر لعدة أشهر وتقبل بالعمل عوضًا عن معلمة رسمية وجدت عذراً لعدم العمل في منطقة نائية، أما هي فلا عذر لها وتتحمل أكثر من النصاب الأسبوعي، وهي الضرورة ذاتها التي تجعلها تتحمل عدم تقدير الطالبات كونها بديلة وبالتالي تقل درجة التوقير والاحترام، وهي الضرورة التي تتحمل من أجلها عدم الاستقرار في الداخل والأمان الوظيفي مما يؤثر على الأسرة معيشيًا واجتماعيًا، وانقطاع في دخل الأسرة التي تعيلها المعلمة في إجازة الصيف والإجازات الرسمية، وللتخفيف من هذه المعاناة رأت عدد من المعلمات أنه من الممكن اتخاذ إجراءات من قبل الجهات المختصة ضمنها على سبيل المثال: يكون العقد معها لعام دراسي كامل وسنة مالية كاملة مع صرف المرتبات دون انقطاع وتوقف، إقرار حوافز تميز بين المعلمة في المدارس النائية والمدارس داخل المدن أسوة بالمعلمة الرسمية، ومساواة نصاب المعلمة البديلة من الحصص بالمعلمة الأساسية التي حلت محلها دون أعباء إضافية لا مبرر لها سوى أنها (بديلة)، والمرونة بقبول الأعذار الطبية الموثقة إذ إنها معرضة كغيرها للعوارض الصحية الطارئة.. وأجزم أن لدى الجهات المختصة بالتربية والتعليم حلولا ناجعة لو أريد لها أن تطبق.