Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/02/2010 G Issue 13664
الخميس 11 ربيع الأول 1431   العدد  13664
 
كفاف
علي أحمد المضواح

 

لم تكن الحياة يوماً ملكاً لنا ولم يكن جلّ ما فيها خياراً واختياراً.. هي فرض بدأ ممن يكون لنا أباً ومن تكون لنا أماً وطال إلى أن وصل متى يكون ميلادنا وحتى متى تكون وفاتنا، وبين كل هذا من الفروض والأقدار ما يمتد به العمر وتتسع به الحياة...

استساغة الأفكار حين تكون بعيدة عن التحقق يخالطها الكثير من لهو الحديث واللا مبالاة..لكنها ذاتها حين يكون حدوثها أقرب ما يكون من التحقق والتمركز زماناً ومكاناً في نقطة ندركها ونعيها تأخذ شكلاً مختلفاً وأثراً آخر..

لن يطول حديثي هنا عما ليس لنا منه بد.. ولا يحول بيننا وبينه سد.. لكنه سؤال يبرق في غيوم الفكر ترعد من ورائه تنبؤات الجواب. كيف يكون الكفاف؟

الكفاف الذي يقنعنا أن عمرنا لحظة ليس يحسب منها ما مضى.. ولا يعد فيها ما بقي.. ما مضى حملته الأيام أحاديث تلقي بها على أسماع السائرين خلفنا.. وما بقي ليس إلا حداء نترنم به في ما تبقى من دربنا ونحن من كل هذا لحظة تمركزت بين ماض رحل وقادم لم يحل.. الكفاف الممتلئ بالرضا والإخلاص والعمل المتمركز فيما بين أيدينا زماناً ومكاناً.. الكفاف الذي يركز كل ما فينا في لحظتنا جهداً وشعوراً وحياة؟ الكفاف المكتفي بكل ما فيه لما لديه..

جاء في كتاب (النجاح للمبتدئين) لمؤلّفه زيج زيجلر: (عندما أشارك في ندوة صغيرة عادة ما أستخدم الأفلام الشفّافة كوسيلة للإيضاح، ودائمًا لا أقوم بضبط بؤرة جهاز العرض عندما أقوم بعرض أول صورة، وغالبًا ما أتظاهر بأنني لم ألاحظ المشكلة، وهكذا أواصل حديثي مع الجماهير لعدة دقائق، ثم أقوم بمراقبة كل هؤلاء الأفراد الذين يشيرون بأصابعهم إلى الجهاز ليلفتوا انتباهي إلى المشكلة، وفي هذه النقطة أقول للجماهير: في الواقع، ليست هناك مشكلة في الجهاز نفسه، فكل ما هناك أنه يحتاج إلى ضبط، وبالمثل فإن حياة العديد من الناس كهذا الجهاز، لا تحتاج ببساطة سوى لضبط البؤرة، فحياة هؤلاء الناس تسير في عشرات الاتجاهات المختلفة؛ ونتيجة ذلك أنهم نادرًا ما يحققون أهدافهم الرئيسية في الحياة).

متى نخلص للآن لأنه الآن؟ لا لاعتبار أنه امتداد ماض ولا انطلاق قادم؟

لو عرفنا الإجابة على سؤال الكفاف هذا لكان كل ماض لنا منجز وكل قادم أمل..

«كل لحظة هي بصمة أصبع

لا تتكرر...

كل لحظة هي كائن نادر وكالحياة

يستحيل استحضاره مرتين...»

«غادة السمان»



almdwah@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد