ما لم تكن هناك جهات داعمة للإرهاب، بمساندة سياسية وتمويل مالي، وتوفير أماكن وملاذات آمنة لعناصره وقياداته، وأماكن لتدريب أفراده، لا يمكن أن تقوم قائمة لهذه الآفة التي ابتليت بها جميع الدول والشعوب والأمم.
كما أنه لا يمكن أن نلصق أو نخص أمة بذاتها أو اتباع دين محدد أنهم وحدهم مسؤولون عن تفشي هذه الآفة التي تضر بتلاقي الأمم والشعوب. فالإرهاب ليس مقتصراً على دين ولا على أمة، لأنه أصبح سلاحاً يلجأ إليه العاجزون عن تحقيق أهدافهم ومصالحهم بالطرق المعتادة فيلجؤون إلى الأساليب الشاذة، ومن هذه الأساليب ارتكاب الأعمال الإرهابية لفرض خيارات هؤلاء العاجزين عن تحقيق أهدافهم.
وبتوسع اللجوء إلى هذا العمل المرفوض، وازدياد الجهات وحتى الدول التي تقوم به، وتوزع عناصره على مناطق مختلفة من العالم، فإن الأمر لم يعد مقصوراً بدولة ولا حتى بمنظومة إقليمية أو كتلة دولية. فادعاء دول معينة والغرب عموماً بأنهم هم الذين يقودون جهود محاربة الإرهاب، إدعاء غير صحيح. فالكتل الدولية مجتمعة والدول منفردة لها باع كبير في التصدي لهذه الآفة، وخاصة المملكة العربية السعودية التي وضعت تجاربها وما قامت به من جهود أمام خبراء مكافحة الإرهاب في ورشة الإطار القانوني لمكافحة الإرهاب التي عقدت في الرياض. فهؤلاء الخبراء الذين تعاملوا مع تفرعات هذه القضية التي شكلت ولا تزال هاجساً مقلقاً للبشرية، وجدوا أن تاريخ المملكة في التصدي لهذه الآفة ليس وليد اليوم، فمنذ سبعينيات القرن الماضي والأجهزة والدوائر المسؤولة منهمكة في اعتراض عمل الإرهابيين، سواء في تتبع مصادر التمويل أو مراكز التدريب وأماكن التحريض والتنظيم، والتعبئة، حيث استنبطت خطة متكاملة لاجتثاث هذه الآفة جمعت بين الحصانة الفكرية والمواجهة العسكرية، وقطع شرايين بقائه من خلال تتبع ومعرفة مصادر تمويل الإرهاب، ليس فقط لوقفها بل ولمحاسبة الجهات التي تمول مثل هذه الأعمال الشريرة.
هذه الخطة التي نسجت عملاً متكاملاً شاركت فيها كل الوزارات والدوائر والأجهزة لتحقق المملكة نجاحاً في مواجهة الإرهاب أصبح مثالاً يحتذى به، تسعى الدول للاستفادة منه وتطبيقه.
***