في آخر جلسات منتدى جدة الاقتصادي العاشر، الذي اختتم أعماله يوم الثلاثاء الثاني من ربيع الأول لعام 1431هـ، قال فيصل بن معمر نائب وزير التربية والتعليم للصحفيين: إن الحكومة لم تقصر في دعم التعليم، وإذا كان هناك من قصور فتتحمله وزارة التربية والتعليم في آليات التنفيذ. مشيراً إلى أن الوزارة في سباق مع الزمن لتحويل الأفكار التي طرحت ومشروع تطوير التعليم إلى مشروع حقيقي، واعداً بنتائج مثمرة في المستقبل القريب.
وهو قول فيه من شجاعة الاعتراف ما هو غير معتاد من المسؤولين الذين يحمِّل معظمهم الظروف والمتغيرات أسباب التأخير، وفي الوقت نفسه هو قول غير دقيق من جهة السباق مع الزمن لتحويل الأفكار التي طرحت ومشروع التطوير إلى مشروع حقيقي؛ إذ إننا لم نقرأ أو نسمع حتى هذه اللحظة عن خطة استراتيجية لتطوير مرفق التعليم، فما بالنا بالآليات. وللأمانة نحن نسمع اليوم عن وجود بيئة عمل غير محفزة لا يتوقع منها أن تولد رؤى استراتيجية وبرامج عملية لتحقيقها وآليات فاعلة لتحويل تلك البرامج إلى واقع يلمسه مجتمع التعليم ونلمسه نحن كآباء.
أعتقد أن وزارة التربية في عهد القيادة السابقة لم يكن لديها خطة للتخطيط والتنفيذ والتقويم؛ الأمر الذي جعلها تتجه لتشكيل اللجان كما هو معتاد، والعمل بشكل تقليدي لا يتناسب وحجم الرسالة والمسؤولية والتطلعات، وهي لجان تتكون من أفراد هم جزء من المشكلة أكثر من كونهم جزءا من الحل؛ ما جعلنا نصل إلى خطط وبرامج وآليات غير فاعلة وغير متكاملة، لا تلبي الطموحات؛ فأهدرت - بحسب علمي - أكثر من سنتين من الوقت الثمين، وأكثر 600 مليون ريال من المليار التسعة التي خصصها خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق التعليم.
التخطيط دون تخطيط لإعداد الخطة، أو لنقُل العمل دون تخطيط وفقا لآليات اللجان المميتة للعمل، وما نتج منه من هدر، أصابنا جميعا بالإحباط؛ ما جعل مجلس الوزراء يقرر في أواخر عام 1429هـ الموافقة على الترخيص بتأسيس شركة تطوير التعليم القابضة، التي من أهم أغراضها تنفيذ مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام، ومن ثم تعيين الأمير فيصل بن عبدالله وزيراً للتربية والتعليم، وتعيين الدكتور فيصل بن معمر، والدكتور خالد السبتي نائبين لسموه في أوائل عام 1430هـ.
سنة منذ تولي القيادة الجديدة لوزارة التربية، وسنتان مضتا على الموافقة على تأسيس شركة تطوير، والمحصلة ثلاثة أعوام، منذ أن أطلق مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق التعليم أوائل عام 1428هـ من أصل 6 أعوام هي مدة تنفيذ المشروع، ذهبت هدرا، والوقت مورد ثمين وحاسم، ونحن نراوح مكاننا، بل إن الموضوع من وجهة نظري أصبح معقدا ومتشعبا بين المالية التي تمتلك شركة (تطوير) من خلال صندوق الاستثمارات العامة ووزارة التربية التي - حسب علمي - لم تخرج من دائرة اللجان التقليدية والتجربة الإدارية الفاشلة السابقة، والعلاقة بينهما - حسب علمي - تقوم على الشك في القدرات بدل الثقة التي لا بد منها للنجاح، وهو شك مبرر بكل تأكيد.
وسؤالي لنائب وزير التربية الدكتور فيصل بن معمر: أما حان الوقت للاستعانة بمكاتب استشارية متخصصة في التخطيط الاستراتيجي التربوي بعيدا عن اللجان المكونة من المسؤولين لوضع خطة استراتيجية تتمحور حول نوعية الطالب الذي نريد أن ينتجه التعليم العام من حيث المعارف والقيم والمبادئ والمهارات، ومن ثم تكليف المكتب الاستشاري بمتابعة تنفيذ هذه الخطة وفق أحدث نظريات التنفيذ الإدارية (مثل الإدارة بالنتائج والأهداف)؛ للوصول بالعملية التعليمة في بلادنا إلى أعلى كفاءة مقاسة؟.. أعتقد جازما بأن ذلك قد حان، وعلينا ألا نضيع المزيد من الوقت والمال.
***
* ALAKIL@HOTMAIL.COM