كل «لا»... يقابلها « نعم »...
إذ لا تنسجم حياة المرء إن ركب بحر «لا « وحده،, أو «نعم» وحده..
فإن فعل وركب موج أحدهما.., فإنه حتماً لا محالة سيقف في عرض البحر, يستنجد بمخرج إحداهما التي ليست معه..
فدروب الحياة لا تنبسط يسيرة أو طويلة، ممهدة أو غير دون أن يحمل الحامل على نفسه سفراً فيها جرابين، أحدهما يحمل «لا» وومنوعاتها، والآخر»نعم» ومُشْرَعاتها...
فحين يكون على المرء أن يتوقف للاستزادة من الماء والغذاء، فلا ينبغي له أن يطيل الوقوف، لأنّ الشمس ستغرب وسيضلّ الطريق، وهو حين يأتيه الليل فإنّ عليه أن يغذ السير فالليل يطوي الطريق، لكن لا ينبغي له أن يستكين للراحة أمداً طويلاً.., فحين يكون له أن يتمتع بما تشرعه له «نعم»، فإنّ عليه أن يقيم ما تمنعه عنه «لا»...
فضابط لا، كابح عن نتائج إن لم يقيمه في وقته، وينصبه عند حده، فإنّ إيجابيات نعم ستؤول به للخسارة، حينئذ يعرف مقام هذا الضابط ودوره في منجاته, بينما مشرع «نعم» إن يغتنمه في وقته فإنّ محصلاته مكاسب تضيف إليه، وتزوده من معين ما يمر به من مكتسبات, وكلاهما ذو مطلق ومحدود,, فمن لا ينتهز بحكمة وعي فرص «لا» لن يقصى عن الخطأ، كما إنّ من لا ينتهز فرص «نعم» لن يتذوّق مكاسبها...
في مواقف العلم والعمل، في علاقات الإنسان بربه، ثم بخلقه تقف كلٌ منهما
موقف البوصلة والمطرقة، بوصلة «نعم» هادية، وبوصلة «نعم» هادية..
فيهما هداية بقدر ما فيهما غواية... هدايتهما للخير، وغوايتهما للشر..
كيف ينشأ الإحساس بهما ليكون دافع اغتنام لهما في الوقت المناسب.. هو ما يميّز رجاحة وإدراك عقل المرء, وللعقل روافد إن لم يعن كل امرء بمدها
إيماناً وعلماً وثقافة ودأباً، فإن سطوة «لا» و.. «نعم» ستجعل منه ريشة في كف الهوى.