سبحان الحي الذي لا يموت. الموت حق لكل العباد ومصير كل حي مهما كانت صفته. فلا مفر منه ولا اعتراض على حكم الله وقدره فالواجب على جميع الخلق التسليم بقضاء الله وقدره والاستعداد لذلك بالعمل الصالح في هذه الدنيا قبل الانتقال إلى الدار الآخرة.في مثل هذا اليوم من العام الماضي وبتاريخ 8-3-1430هـ هذا اليوم الذي لن ننساه أبداً غيب الموت فيه حبيبتي ورفيقة عمري ونور حياتي زوجتي الغالية (أم خالد) بعد أن عاشت معي سنوات طويلة كانت خلالها نعم الزوجة المثالية البارة لزوجها والحنونة لأولادها والصابرة المحتسبة على ويلات الأمراض التي أصابتها.
لقد كانت الخسارة بفقدها كبيرة لي ولأولادي أدمت قلوبنا وخلقت فيها أسى وحزناً شديداً وترك رحيلها فراغاً كبيراً وفجوة واسعة في نفوسنا فلم تتوقف دموعنا ودموع محبيها وعبارات الثناء والدعوات لها منذ رحيلها فالكل يدعو لها ويمتدح ذاتها وصفاتها.. قضت رحمها الله حياتها بالأعمال الصالحة والبر بوالديها رحمهما الله وتفرغت لتربية أبنائها وبناتها تربية صالحة حتى أصبحوا بحمد الله مثالاً في الأخلاق الفاضلة والسيرة الحسنة وكسبت -رحمها الله- حب الناس من الأهل والجيران لوفائها وتواضعها وتواصلها وأخلاقها الطيبة وعاشت حياتها محبوبة مكرمة من الجميع. أما أنا فقد أوفت واهتمت بي طوال السنوات التي عاشتها معي حياة كريمة هنيئة في بيت عامر بالإيمان والمحبة كونّا خلالها كوكبة من الأولاد والبنات خففوا عني الكثير من المعاناة وأدخلوا عليّ البهجة والسعادة كلما التقيت واجتمعت بهم فلا تمر مناسبة من مناسباتنا العديدة إلا ونتخيل صورتها ونتذكر مزاياها الطيبة معنا ومع أقاربها وجيرانها ومحبيها.. لم تغب عن بالي أبداً رغم مرور عام كامل على وفاتها فكلما رحل قريب أو عزيز من هذه الدنيا تذكرت وتداعى إلى ذهني رحيلها أتذكر قسمات وجهها وذكرياتها الجميلة فتنهار الدموع أساً على فراقها رغم إيماني بأن هذه إرادة الله وسنته في خلقه وأن طريق الموت سيمر بنا جميعاً، لكن مرارة الفراق وقسوته تفرض علينا هذه الآهات والمعاناة، فإلى الخالق الكريم الملجأ والمشتكى فهو سبحانه خير من سُئل وأجود من أعطى، أدعوه سبحانه أن يعفو عنها ويغفر لها وأن يجعل ما أصابها في الدنيا من أمراض ومعاناة كفارة لجميع ذنوبها وحسنات لها في الدار الآخرة إن شاء الله.
كما أدعوه سبحانه وهو خير مستجيب ورحمته قريب من المحسنين أن يذهب عني الهم والحزن وأن يعينني بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
فمهما حاولت أن أعبر عن مشاعري وما يجيش في خاطري تجاه رحيلها الذي أحدث فراغاً كبيراً في حياتي من الصعب سده أو نسيانه فلن أستطيع التعبير عن أي شيء لأن الحديث عن مزاياها وصفاتها وذكرياتها وأعمالها الخيرة يطول ويطول ويحتاج إلى صفحات كثيرة لذكرها.. أحاول أن أجابه آلامي وأحزاني بفقدها بذكر الله والدعاء المستمر لها بالرحمة والمغفرة وأن يجمعنا المولى الكريم بها في جنات النعيم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
آه يا أم خالد آه ما أشد الموت حين نفقد أمثالك وما أصعب الفراق وأقسى أثره. إنها لحسرة كبيرة على فراقك ولوعة عليّ وعلى أولادك وأهلك ومحبيك.. مرت الأيام والشهور والأعياد وأعظمها أيام رمضان المبارك أتذكرك فيها كلما دنوت لتناول الإفطار أو السحور أين أنت مني!! وكلما خرجت إلى المسجد لأداء صلاة التراويح أو صلاة القيام تذكرت حرصك الشديد على مرافقتي لأداء الصلاة في المسجد رغم ما تعانين منه من آلام. ومرت الأعياد عيد البهجة والفرحة عيد الفطر المبارك ثم عيد الأضحى السعيد لم نتذوق الفرحة لهذين العيدين مثلما كنا في الأعياد السابقة عندما كنت معنا تشاركيننا الأفراح والتهاني أين أنت منا!! بكيت وبكى الأولاد كثيراً ونحن نشاهد ذبح الأضاحي وأنت لأول مرة تغيبين عنها أين أنت منا عندما كنت تشرفين معنا على ذبحها وتوزيعها كما كنت ترغبين على بعض الأهل والجيران والمحتاجين من الفقراء والمساكين.. شريط الذكريات يا أم خالد طويل ورحيلك لا شك بلا عودة يكن ذكراك الطيبة وسيرتك العطرة وعشرتك الطويلة ستبقى خالدة ورمزاً في الذاكرة والوجدان.عجباً لهذه الدنيا ما أصعب الحياة فيها يسلو الإنسان بمباهجها وأفراحها ثم ما يلبث أن نفاجأ بفقد قريب أو عزيز فأحداثها وفجائعها وتقلباتها كثيرة ومؤلمة.نسأل الله سبحانه أن يلطف بنا ويعيننا على مصائبها بالصبر والاحتساب وأن يجبر مصابنا بفقدها ويبلغنا ثواب الصابرين ومزيد الشاكرين على نعمه وفضائله التي لا تحصى.أشكر إخوتي الذين لازموني وخففوا الكثير من معاناتي منذ رحيلها وأقدر لهم لطفهم وحرصهم على راحتي وصحتي وستكون مشورتهم بإذن الله موضع اهتمامي.
راجياً المولى الكريم أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه الخير والحمد لله على قضائه وقدره والله المستعان.
منصور إبراهيم حمد المالك