Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/02/2010 G Issue 13662
الثلاثاء 09 ربيع الأول 1431   العدد  13662
 
أوراق إيرانية: التحالف مع الشيطان
د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم

 

لا حدس جديد، ولا تخمين في حقيقة السياسة الدولية التي تقول «التحالف مع الشيطان من أجل تحقيق النصر أو المصلحة القومية»، وهي مقولة تتشابه تماماً مع مقولة ميكافيللي الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة». تلكم حقاً غدت عرفاً متعارف عليه، بل وحتى مقبولاً في الصراعات والحروب الإقليمية والدولية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، وإلى المستقبل القريب والبعيد.

أذكر في عام 1990م، تحديداً عندما كنت في ماليزيا، أن إيران اخترقت بالفعل معظم التنظيمات الإسلامية في تلك الدولة، ليس وحسب من خلال المنح الدراسية التي قدمتها لنسبة كبيرة من القيادات الإسلامية وتخرجوا من جامعاتها وعادوا إلى بلادهم، وإنما بواسطة الدعم المادي والسياسي الذي تقدمه لهم بشكل متواصل، الأمر الذي أكسبها تعاطفهم ودعمهم لها. تحقق لإيران هذا الاختراق منذ أن أعلنت رسمياً عن تصدير ثورتها الإسلامية لدول العالم الإسلامي بمختلف الوسائل والطرق المتاحة لديها.

لذا ليس بمستبعد أن تحاول إيران كسب ورقة التحالف مع تنظيم القاعدة في اليمن ومع مختلف الفصائل والفئات المقاتلة في الصومال من أجل إضافة ورقة جديدة (حسب رؤيتها تعتبر ورقة رابحة) إلى أوراقها السياسية في صراعاتها المريرة مع دول المنطقة، وبالطبع مع دول العالم الغربي.

إيران بعد أن فقدت ورقة الحوثيين في جنوب المملكة (شمال اليمن) باستسلام هؤلاء ورضوخهم وقبولهم بالشروط الستة، من أهمها إعادة المفقودين من السعوديين أبناء الوطن، ونشر القوات العسكرية اليمنية على الحدود مع المملكة، باتت في أمس الحاجة إلى حلفاء جدد ينضمون لتحالفاتها الإستراتيجية في المنطقة.

فما بين إيران المندفعة في برنامجها النووي، والمثابرة على خداع الغرب والعالم كله، وبين تنظيم القاعدة من جهة، ومن الجهة الأخرى مع المقاتلين الصوماليين، الكثير الكثير من العوامل والمصالح المشتركة التي حتماً قد تفضي إلى التحالف والتعاون الخطير. منها على سبيل المثال لا الحصر وحدة العدو أو الأعداء، توسعة دائرة الصراع ليصل إلى باب المندب (وخليج عدن) لتهديد الملاحة البحرية الدولية القادمة من قناة السويس والمتجهة نحوها لإلحاق أكبر الضرر في الدول العربية والخليجية.

فإيران التي تمتلك ورقة حزب الله اللبناني في الجنوب اللبناني، وتلعب بحرافة وخبث على ورقة الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية، واختراقها المعروف للعمق العراقي، واحتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، لا بد لها وأن تكمل حلقة التحالفات والمصالح المشتركة مع تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن ومع المقاتلين الصوماليين الذين أبدوا استعدادهم لعقد مثل ذلك التحالف الشيطاني.

هنا تحديداً تكشف إيران عن مخططها الجديد لضرب حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بل وفي البحار الموصلة له والمتصلة معه، وهي إستراتيجية جديدة تصب في مصلحة إيران ومحاولاتها المستمرة لفك طوق الحصار الدولي المفروض حولها، في ذات الوقت الذي تحاول فيه إرغام الغرب على عقد صفقة مربحة معها تحقق لها مصالحها الإستراتيجية في المنطقة. فإيران تلعب على خوف الغرب على مصالحهم الإستراتيجية في حال نجاح إيران ضرب حركة ودائرة مصالحهم الدولية والإقليمية.

وحدها فقط المخاوف الإيرانية من تلقيها لضربة عسكرية إسرائيلية في الربيع أو الصيف، تبرر الحراك السياسي الإيراني الأخير سواء تجاه تنظيم القاعدة والمقاتلين الصوماليين وأيضاً مع بعض دول المنطقة المتحالفة معها. لذا فإن رفع درجة التوتر ومستويات الصراع والخلاف في المنطقة لكفيلة بتوجيه سياسة إجهاضية واستباقية معاً لإسرائيل وللدول الغربية تحول دون استخدام الخيار العسكري ضدها لمنعها من المضي قدماً في برنامجها النووي.

الملفت للنظر أن إيران كلما أحست بالخطر، أو قبل أن تشرع الدول الغربية في فرض عقوبات اقتصادية أو غيرها من العقوبات المتوقعة عليها، تسارع تكتيكياً في تحريك أوراقها الإقليمية في مختلف أنحاء المنطقة لتهديد مصالح المنطقة والغرب معاً في إشارة منها استعدادها لإقحام المنطقة كلها في جحيم حرب إرهابية أو حتى نظامية إن فرضت عليها عقوبات أو وجهت إليها ضربات عسكرية.

التوقيت من جهة، ومن الجهة الأخرى ضم حلفاء جدد لإيران، في ذات الوقت الذي تلعب فيه طهران على أوتار الخوف والمخاوف الدولية والإقليمية، توضح بدقة إستراتيجية إيران الحالية الهادفة إلى التحالف مع الشيطان من أجل حماية مصالحها وأمنها القومي الفارسي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد