صلاح الفرد مرهون بصلاح المجتمع، فلا شيء في هذه الدنيا أنفع من الصلاح، كما أنه لا شيء أضر من الفساد، وفضيلة الفرد هي فضيلة للأسرة وللمجتمع وللأمة، ومن فضائل الإسلام أن يكون لكل إنسان ثمرة عمله وأن يتحمل كل إنسان مسؤولية فعله، قال تعالى: (ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى). والإسلام بسماحته أقر مكافأة المحسنين، قال صلى الله عليه وسلم: (من أدى لكم معروفاً فكافئوه فإن لم تستطيعوا
فادعو له لأن في ذلك حثا للناس على الفضيلة).
وكذلك توعد الباري عزَّ وجلّ المفسدين والذين يحاربون الله ورسوله بالعقاب والعذاب العظيم. من هنا يتضح أنه لا يمكن لأي إنسان يملك الفضيلة أن يقدم على أي عمل من شأنه الضرر بالمجتمع، وهو يدرك أن الإسلام تكفل بحماية الإنسان المسلم، فدمه حرام وماله حرام وعرضه حرام. لقد انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار مؤلمة ومزعجة عبر الصحف المحلية تتحدث عن أعمال يقوم بها بعض المواطنين وبعض المقيمين، هذه الأعمال التي تتنافى مع التعاليم الإسلامية ومع القيم والعادات والتقاليد المستجدة من الشرع المطهر. إن هذه الأخبار لها تأثير سيئ في نفوس أبناء هذا الوطن؛ لأن كل واحد في بلاد الحرمين يريد أن يكون المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، ولأن ديننا يحثنا على التسابق في أعمال الخير والبر والتعاون ورفض كل أعمال الشر، والعيش بأمن وأمان لأن الأمن من النعم الكبرى. وإن المجتمع الآمن هو الذي تطمئن إليه النفوس فليس لخائف راحة ولا لحاذر طمأنينة. والجميع يدرك بأن الأمن أهنأ عيش، وأن العدل أقوى جيش، لهذا فإن الواجب على كل من أغواه الشيطان وأقدم على أعمال لا تليق بكرامة الإنسان العودة إلى الله والعودة إلى الطريق الصحيح والابتعاد عن كل الوسائل الهدّامة التي تهدف إلى القضاء على روح الأخوة والمحبة والتكافل الاجتماعي، وأن يكون تأثر هؤلاء برجال نذروا أنفسهم لخدمة العقيدة وإعلاء كلمة الله، وأن يكون تأثرهم برجال يدافعون عن الوطن والشرف ويقاتلون أعداء الله في ميادين الشرف والبطولة إنهم جنود الحق، وأن يكون تأثرهم برجال يواصلون الليل بالنهار لحماية أمن البلاد وتحصين المجتمع من وسائل الشر، أن يكون تأثرهم بأهل الخير الذين أخبارهم تتحدث عن مكارم الأخلاق ومساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف والمسارعة في أعمال الخير، أن يكون تأثرهم برجال يعتقون الرقاب لوجه الله، وأن يكون تأثرهم بأخوة لهم يعالجون المرضى ويسعفون المصابين، وأن يكون تأثرهم بطلبة العلم.
إننا ندرك بأن كل إنسان يخطئ والعودة عن الخطأ فضيلة والاستمرار به رذيلة، عودوا أيها الأحباب إلى العقل وإلى العدل وإلى الفضيلة؛ لأن كل واحد لا يريد لأهله أو بيته أو لأسرته أن تكون عرضة للسطو وللسرقة ولترويع الآمنين، واعلموا أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، واعلموا أن الإنسان لا يؤمن إلا أن أحب لأخيه المسلم مثلما يحب لنفسه، وعلى المجتمع كافة وبدون استثناء البحث عن الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظواهر السلبية والقضاء عليها بالنصح والإرشاد والتوجيه والحوار والرفق، وإن من أهم الحلول لهذه المشاكل والتي من شأنها أن تكفل صلاح هؤلاء هي إيجاد عمل لكل قادر عليه واحتواء هؤلاء في القطاعات الحكومية والأهلية وحتى يعيش الإنسان عيشة كريمة فلا بد من إيجاد مرتبات شهرية للعاطلين عن العمل، ولابد من تكاتف رجال الأعمال مع الدولة لتحقيق الأهداف السامية والغايات النبيلة، وبالتالي عودة هؤلاء إلى الجادة وعدم العودة للأخطاء وحتى يتحقق للمجتمع الأمن والرخاء والاستقرار، وأن نكون جميعا منصهرين في خدمة الدين ثم المليك والوطن وما هذا على ولاة أمرنا ورجالنا ومجتمعنا بعزيز.
* * *