بعد مقال الأحد الماضي، حول قدرة شرطة دبي على رصد أول عملية اغتيال سياسية من نوعها بالصور، نتيجة لوجود نظام المراقبة بالكاميرا والذي يغطي 80% تقديريا من الإمارة، وصلت إلى بريدي رسالة، تتعلق بطموح قديم لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للاستعانة بكاميرات مراقبة للمراكز التجارية والأماكن العامة لرصد المخالفات الشرعية!، وحين انتهيت من القراءة، حمدت الله كثيرا أن شيئا من هذه الأفكار والمقترحات الجامحة لم يتحقق.
الموضوع سبق وأن أثار جدلاً كبيراً، وصل إلى مجلس الشورى السعودي.
وخيرا فعل مجلس الشورى، وخيرا فعل الإعلام في التنبيه لخطورته، فالكاميرات التي تنشر في مدن كبرى من العالم أهدافها أمنية بالدرجة الأولى، ومرتبطة بقضايا الأمن الوطني وكل ما قد يخل به، وقد يستفاد منها بشكل مباشر في قضايا هامشية أخرى، ولكن تحت سلطة وصلاحية ونفوذ جهاز أمني محدد، وليس جهاز الحسبة، أو إدارة المجاهدين أو غيرها من المرافق المساعدة، وذاكرتنا تحمل الكثير من القصص والأخبار التي تم تسريبها من قبل أفراد محسوبين على هذا الجهاز، لتشويه شخصيات لمجرد أنها عامة أو معروفة أو جماهيرية. وإن كان الحديث عن «الأخ الأكبر»، وغرف المراقبة الأمنية مرتبطة بنحو 4 ملايين كاميرا في بريطانيا كلها، فإن هذه الكاميرات الأمنية تخضع لقانون صارم فيما يتعلق بمن له الحق بمشاهدة المحتوى ومراقبة التفاصيل واسترجاع اللقطات والصور، ومن يملك حق الوصول إليها، حيث يتم حماية الخصوصية ما تلتقطه الكاميرات عبر أنظمة حازمة صارمة، لا تهاون فيها ولا مجاملة. رئاسة الهيئات أصدرت توضيحا حول الكاميرات وفكرتها، إلا أن المشروع يدغدغ أحلام أصحاب السلطة الميدانية في هذا الجهاز الحكومي الضخم والفضفاض، والذين تتجاوز طموحاتهم، أو لنقل حماسهم السلطات الأمنية في البلاد، فيما عملها يتعاطى مع مسؤوليات عامة بأسلوب النصح والإرشاد والتوجيه وليس أكثر.
وسبق أن قدم عضوا في مجلس الشورى، مقترحا، لدمج الرئاسة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتمت إحالته للجنة الشؤون الإسلامية لدراسته، وهو مقترح يستحق الاهتمام والدعم. فحجم الوظائف المعتمدة للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، 5167 وظيفة، كما يملك الجهاز 319 قطعة أرض قابلة للاستثمار، ولديه أسطول حديث من السيارات، وهو يتفوق على إمكانيات مكاتب الدعوة والإرشاد الموجهة لدعوة غير المسلمين وتوعية المقيمين. إلى اللقاء