Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/02/2010 G Issue 13662
الثلاثاء 09 ربيع الأول 1431   العدد  13662
 
الحبر الأخضر
الجامعات الناشئة بين السياسي والتنفيذي
د. عثمان بن صالح العامر

 

توافق مع إعلان ميلاد الجامعات الناشئة في عدد من مناطق المملكة التأكيد من قبل القيادة السياسية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - على أهمية التنمية المتوازنة بين أجزاء هذا الوطن المعطاء، والنص صراحة وبكل شفافية ووضوح على مناطق معينة بأنها لم تأخذ نصيبها من التنمية السعودية المتميزة في السنوات الماضية لسبب أو لآخر ولذا لا بد أن تكون لها الأولوية الفعلية في التخطيط الإستراتيجي المستقبلي، وكانت الخطوة الأولى في سبيل تحقيق هذا الطموح القيادي العادل موافقة المقام السامي الكريم على التوسع الفعلي «كيفاً وكماً» في التعليم العالي ودعمه مالياً ومعنوياً بلا حدود، ولذا فإنني أعتقد أن ميلاد عدد من الجامعات الجديدة وتخصيص الأراضي الكافية لإقامة مدن جامعية متكاملة جاء في هذا السياق، وليكون العلم هو البوابة الفعلية للتنمية الحقيقية في هذه المناطق، ولتكون هذه الصروح الشامخة قائدة التغيّر الاجتماعي وصانعة التنمية الشاملة المستدامة في البيئات التي ولدت فيه.. ولكن وللأسف الشديد هذه الإرادة السياسية الصادقة والمتميزة لم يواكبها في أحوال كثيرة إدارة تنفيذية واعية تنقل هذا الطموح من حيز القرار إلى مقام الفعل، ولعلي لا أضيف جديداً حين أشير هنا إلى أن البعض من التنفيذيين سواء في الوزارات أو الإدارات ما زال يعتقد أن رسالة هذه الجامعات حديثة الميلاد التدريس للطلاب والزج بالخريجين إلى ميدان العمل، ولذا فإن دورها لا يتعدى محيط أسوارها وصوتها لا بد أن يبقى حبيس قاعاتها، وهناك من يضعف من دورها البحثي فهي أعجز من أن تشارك في حركة الدراسة والتأليف اليوم وبينها وبينه أمداً بعيد، وهناك... وهناك. وهؤلاء جميعاً وعلى كافة المستويات يناقضون في رؤيتهم هذه ويخالفون وبكل وضوح الإدارة السياسية التي جعلت العلم والبحث العلمي المنطلق الأساس والركيزة الأهم للتنمية المستدامة والإصلاح المجتمعي المتكامل. ولذا لا بد أن يعيد هؤلاء النظر في قناعاتهم الذاتية حتى يتحقق الهدف الشامل الذي من أجله قامت هذه الكيانات التنموية الهامة وحتى تتمكن هذه الجامعات الناشئة من أداء رسالتها ذات الأضلاع الثلاثة (التدريس - البحث - خدمة المجتمع)، ولعل من أبرز المطالب الناجزة والعاجلة - بعد وجود القناعة وانغراسها في ذهنية التنفيذيين على كافة المستويات - ما يلي:

الاستعجال في ترسية جميع مشاريع المدن الجامعية والعمل على جعلها منارات حضارية في جميع المناطق، خاصة ما له علاقة بخدمة المجتمع وعلى وجه الخصوص المستشفيات والمكتبات وقاعات الاحتفالات و المحاضرات والندوات.

رفع المخصصات المالية للجامعات الناشئة بشكل متصاعد وسريع خاصة ما له علاقة بالبحث العلمي وتأسيس مراكز البحوث المتميزة، وكذا كل نشاط ذي صلة مباشرة بخدمة المجتمع والرقي به وتحقيق تطلعاته.

دعم الجامعات الجديدة بوظائف ذات مراتب عليا «14-13-12» وذلك من أجل استقطاب الكفاءات الإدارية المؤهلة القادرة على التأسيس الإداري الجيد والمتكامل لهذه الجامعات.

مشاركة القطاعات الأخرى سواء أكانت في ذات المنطقة أو خارجها لكل ما من شأنه مساعدة الجامعة في القيام بما يؤمله منها ولي الأمر، فهذه المؤسسات وإن كانت تابعة إدارياً لوزارة التعليم العالي إلا أنها مؤسسات وطنية - تنموية واعدة.

إدراك منسوبي الجامعات الناشئة للدور المناط بهم والعمل وبكل تفان وإخلاص من أجل صناعة تنمية شاملة ومستدامة في محيطهم الاجتماعي، وعدم الركون إلى القيل والقال والانصياع إلى (ليس بالإمكان أحسن مما كان)، أو حتى جعل تطلعاتهم الشخصية تطغى على رسالتهم العالية والشرفية التي أناطها بهم ولي الأمر وأهلهم لها شهاداتهم العلمية المتميزة.

مشاركة القطاع الخاص بمسؤولية الاجتماعية والتعاون مع هذه الجامعات الجديدة ومساعدتها في أداء رسالتها المجتمعية الشاقة.

بقي أن أشير إلى هذا الحكم على التنفيذيين في هذا المقال ليس على وجه العموم وفي جميع المناطق، بل هو أمر نسبي يختلف باختلاف الهمم وتباين الرؤى وتكاتف الجهود، ومع ذلك يبقى الأمل أكبر والطموح أكثر، وإلى لقاء، والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد