ثقافة المجتمعات البشرية، هي خلاصة مكونات المجتمع بدءا بقرار القمة، مرورا بعشب السفح, وانتهاء بنفايات الشارع.. عليه، فإن مجتمعنا يمر بمخاضات تغييرية ذات حركية شديدة ومتسارعة قد لا يلحق بدولابها الراكضون معها، والواقفون شطرها والمنغمسون في تيارها، ليتأملوا: كيف تحصد نتائج مخاضها، وهي منذ البدء، قلبت موازين الطارئ والضرورة، والواجب والممكن، والمقبول والمرفوض، والصحيح والخطأ، والصواب والاضطراب، من حيث ما تتشكل منه، وتنحو إليه تركيبة هذه المتغيرات وتأثيرها في ثقافة المجتمع.. إذ بين عشية وأخرى ما كان ممنوعا -وفق الأعراف- غداً محور التبديل وليس فقط النقاش، ووضع ضمن «أجندات» التحديث والتغيير، في الشأن الخاص لمجتمع منذ الخليقة وهو ذو سمات خاصة، لم تكن غائمة من حيث مصادرها، ولا حجتها، بل خضعت لتأويلات الفهم المنبثق من عدم الوعي بها، والعجز عن تحقيقها في صورها الوضيئة بأسلوب تنفيذها، فأصبحت العقدة، ووضعت هدفا أولا في المشروع التغييري القائم، بهدف تذويبها، ولعل المرأة وقضاياها كانت الموضوع الأول في المسار, لتغيير مصطلحات الثقافة عنها في مخاض حركية المجتمع الراهنة، ثم بُعثت في المعية أفكار لصيقة بحقوقها, وهي في الأساس ممنوحة لها، ضمن واقع لم يكن ليجلي عنها كما ينبغي, فأصبحت طعم السنارة الآخذة باصطياد.. ولم تبدأ حركة التغيير بتصويب خلل التعامل مع القاعدة, بل بالتقافز عليها بقضها وقضيضها, ومثل هذه النقلات السريعة قد لا تؤتي ثمارها في شكل إيجابي محض، وإن انبثقت من فكرة التنوير والإصلاح، بل ربما تحدث الكثير من تداخلات قد يعاني منها المجتمع مستقبلا، كما هو شأن نتائج ومحصلات الثقافة التي لا تقوم على وعي تام.
., وهناك نماذج عديدة في مجتمعات بشرية عضت على أناملها، حين واربت الباب قليلاً للريح، غير أن الريح دكته.. سؤالي: ما الذي ستؤول إليه ثقافة المجتمع بعد سنوات ستحصى كمفاصل تأريخية في حركة تغيير مصطلحات الثقافة عن: المرأة المسلمة، السلوك القويم, والفضائل في محاضنها، التربية الإيمانية، والفوارق بين حقوق المرأة في المعاش السليم والحياة الهنيئة، وبين الوهج المركز على ما تظهر به..؟ هل المرأة مجرد مظهر أم هي كيان ومخبر..؟ ربما لم تهدأ موجات المخاض لتتضح الصور الأخرى لنتائج حركية التغييرات في فكر المجتمع بعد.., والقادم كشاف.