يمتعض الكثير من المفكرين الغربيين من المزاج الفكري السائد في الدول الغربية، والذي يروج له ويعمل له المحافظون الجدد في أمريكا وانتقل إلى أوروبا، حيث روج لمفاهيم دينية راديكالية متشددة ساعدت الحملة الغربية على الإرهاب على تعميمها وجعلها واجهة فكرية للدول الغربية جميعاً.
مستفيدين من فوبيا الإرهاب روج المحافظون كمتشددين في مطلع القرن الأول من الألفية الثالثة بأن المسلمين هم وراء الأعمال الإرهابية التي انتشرت في مناطق مختلفة من العالم، وأن المسلمين يعتنقون ويستعملون الإرهاب لغرض توجهاتهم السياسية ولأجل تعميم هذه الأفكار وإقناع أكبر شريحة ممكنة في الغرب، استخرجوا نظريات (هنكتون) صراع الحضارات وزميله في الترويج لنهاية التاريخ فوكوياما، واستغلوا وسائل الإعلام المعادية للإسلام ليؤسسوا لثقافة استعداء جديدة، مستبدلين العدو السابق (الاتحاد السوفيتي) والفكر الشيوعي بالعدو الجديد (الإسلام) والدول الإسلامية، التي أتاحت بعض حركاتها وأنظمتها المتشددة الفرصة ووفرت لهم النجاح بارتكاب لأفعال تعزز مخاوف الغربيين، وتؤكد ما أراد المحافظون الجدد زرعه في عقول الغربيين من فوبيا الإسلام ليصبح كل شيء مبرراً ومتاحاً لمواجهة الدول الإسلامية والمسلمين، ويجعل من التحالف مع أعدائهم وحتى من الذين يضطهدونهم عملاً لا يخفى بل يفتخر به.
وهكذا أصبح الغربيون وبقناعة حلفاء للإسرائيليين بل ومتبنين للفكر الصهيوني الإسرائيلي إلى الحد الذي يطالب به بعض الغلاة من المتشددين الغربيين باعتبار معاداة الصهيونية مثل معاداة السامية، وكل ذلك بسبب تفشي ثقافة الفوبيا في الإسلام التي أصبح المفكرون الغربيون يتخوفون من أن تؤدي إلى انحراف الفكر الغربي الصحيح من خلال اتجاهه إلى تبني الأفكار والتوجهات الصهيونية واعتبار المسلمين أعداء تقليديين للفكر الغربي الذي ارتضى أن يكون واجهة للفكر الصهيوني.
jaser@al-jazirah.com.sa