Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/02/2010 G Issue 13660
الأحد 07 ربيع الأول 1431   العدد  13660
 

هذرلوجيا
الفقاعون
سليمان الفليح

 

.. والفقاعون هم هواة تجميع (الفقع) أو الكمأة من مساقط المطر إذا ما بكّر الوسم أو المطر (الثروي) الذي يصاحب طلوع الثريا في السماء من جهة الشمال وهي عادة مجموعة من الكويكبات الصغيرة التي تكوّن عقداً يتدلى من زرقة السماء بشكل مبهج، وهي من حيث الموقع تعارض نجم سهيل الذي يبدو من الجهة الجنوبية إذ فيهما (أي الثريا وسهيل) يقول الشاعر:

(أيها المُنكّح الثريا سهيلاً

عمرك الله كيف يلتقيانِ

هي شامية إذا ما استقلت

وسهيل إذا استقّل يمان)

وقد اعتاد العرب القدماء في الجزيرة العربية أن يشيروا إلى الشمال ببلاد الشام وإلى الجنوب ببلاد اليمن إذ تتجه إليهما عادة قوافل التجارة من نجد أو الحجاز. بالطبع ما علينا من هذا الاستطراد الايضاحي بل علينا من (المتفقعين) الذين يجنون الكمأ، وهو لمن لا يعرفه فطريات تتجمع لتكّون ثمرة تشبه حبة البطاطس تشق القشرة الأرضية، وهي ثمرة مفيدة ولذيذة الطعم يعشقها العرب بشكل خاص تماماً كما يعشقون الفطر (المشروم) الذي أصبح اليوم ويا للأسف الشديد يستورد من بلاد الغرب وخصوصاً فرنسا. وهواية (جني) الفقع من الصحراء هواية ممتعة يتسابق فيها الناس في الحصول على كمية أكثر، وهي هواية إلى حد ما تشبه جمع الأصداف من البحر للبحث عن اللؤلؤ، كما كان يفعل بحارة الخليج في الزمن السابق. وبالطبع تعرفون أن الهواية قد تدفع صاحبها إلى تجشم الأخطار كما يحدث لهواة الصيد البري من خلال الصقور، وهي من حيث الهواية لا بأس بها ولكن ال(بأس) يأتي من أن هواة الفقع الذي ظهر مؤخراً في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد وخصوصاً منطقة حفر الباطن وتحديداً منطقة الحدود السعودية - الكويتية أو الحدود السعودية - العراقية؛ إذ إن الكثير من الهواة ويا للأسف الشديد يجتازون المناطق المحظورة والممنوعة غير عابئين بأوامر رجال حرس الحدود، بل يتخطون السواتر الترابية (العقوم) والأسلاك ليصلوا بل ل(يتخطوا) هذه العوائق إلى اجتياز الحدود (!!) وهنا تكمن المشكلة الكبرى والتي يعاني منها رجال أمن الحدود بشكل مزعج؛ لأن هؤلاء الفقاعين قد يتشاجرون مع رجال حرس الحدود، وقد يدفعون بالنساء والأطفال إلى الوصول إلى المناطق الممنوعة مما يترك مجالاً لضعاف النفوس والانتهازيين أن يمارسوا التهريب أو التسلل متذرعين بهذه الهواية البريئة التي تصبح خطرة في وضع كهذا. يبقى القول أخيراً إننا نتمنى أن يفهم أولئك الهواة هذا الوضع (المحرج والخطر) وأن يتعاونوا مع الرجال الذين يعرِّضون أنفسهم للخطر من أجل أمن المواطن والوطن؛ لأن الوطن فوق الجميع مهما كانت الأسباب.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد