في فيلم (ذا ترومن شو)، (برنامج الرجل الحقيقي)، يكتشف (جيم كاري)، أن العالم من حوله ليس إلا مسرحاً كبيراً وهو من يقوم بدور البطولة، ودون علمه تحتكره قناة تلفزيونية وهو (جنين)، لتقديم برنامج الواقع، حيث تصور وتبث تفاصيل حياته وانفعالاته، إلى أن يصبح شاباً، ليكتشف فجأة أن كل ما حوله ما هو إلا استديو تصوير ضخم، وفي كل مكان هناك كاميرا (مدسوسة)، تنقل على الهواء حركاته وسكناته وصوته، وحتى شخير نومه..!
في فترة لاحقة ظهرت برامج الواقع، لتسجل لعلاقات وتفاعلات المشاركين، وأنشطتهم ومنافستهم، وتجعل الجمهور يعيش هذه اللحظات، كما في برنامج (الأخ الأكبر)، وغيره!.
إلا أن البداية لم تكن من السينماء أو التلفزيون، وإنما انتهت إليهما، وبحسب دراسة للمفوضية الأوروبية فإن عدد كاميرات المراقبة ارتفع أربع مرات في السنوات الأخيرة في بريطانيا، ليبلغ أربعة ملايين كاميرا، ويقول تسعون بالمائة من البريطانيين أن وجود كاميرات المراقبة أمر جيد، ومقتنعون بأن وجودها يكافح الجريمة.
فرنسا قررت التوسع في استخدام كاميرات المراقبة وستزيد عددها خلال عام واحد 200%.
وفي دول أوربية، وسنغافورا، وماليزيا وغيرها لا تشاهد رجال مرور أو شرطة، لتحرير المخالفات إلا نادراً، فكل شيء يصور، لتبعث كل المخالفات إلى حسابك، وقد يتم استدعاؤك عند الحاجة، فالأخ الأكبر يراقب ويحلل الصور واللقطات التي تسجل تقريباً لكل شيء، في عالم يتخلى عن الخصوصية مقابل الأمن.
الأسبوع الماضي، وقف قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان يعرض أمام الإعلام فيلم فيديو مصور، يوثّق تفاصيل جريمة قتل عضو حركة حماس محمود المبحوح، وتحركات الجناة المفترضين دقيقة بدقيقة وفي أكثر من موقع.
ففي دبي تنتشر مئات الكاميرات، ولا يخلو مركز أو منشأة منها، ولا يوجد تقدير شامل لعدد كاميرات المراقبة، إلا أن المرتبط منها بغرف التحكم والعمليات وتبث إليها مباشرة تقدر بـ1500 كاميرا، موزعة في أنحاء الإمارة، فيما تقول تقديرات أن الرقم يصل إلى 4000 كاميرا تشمل ما ينشأه ملاك الأبراج والمجمعات. وهي كاميرات تخزن الصور التي يتم استدعاؤها في حال وقوع حادث أو جريمة.
هذا السلاح المعلوماتي يجعل دبي تسجل نجاحات أمنية مثيرة في الكشف عن بعض العمليات التي تعتبر معقدة، وكما علقت صحيفة إسرائيلية، فإن شرطة دبي هي (الرابح الأكبر)، وهي تقدم للعالم تمكنها في كشف هو الأول من نوعه لعملية اغتيال سياسية مصورة.
فالإمارة التي تجمع سكاناً من أكثر من 200 جنسية، تعيش على السياحة بشكل أساسي، ولديها هاجس إيجابي أمنياً، و(عين دبي) ترصد لكل شيء تقريباً، وكاميراتها تغطي أكثر من 80% من الإمارة، ولا تستغرب أن تكون لك صورة هناك وأنت تتسوق أو تتمشى أو تمارس (هوايتك)، فبإمكانك أن تعيش حياتك الخاصة جداً تحت المراقبة، وتشعر بالأمان، الأهم أن الأمن العام لإمارة العولمة مستقر، ولم يخترق..!
إلى لقاء