Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/02/2010 G Issue 13659
السبت 06 ربيع الأول 1431   العدد  13659
 
الهلال: أزرقك من سمو.. وأبيضك من خيال

 

الهلال

كلمة تنطق كغيرها عند العامة.. إلا أن لبعض من يسمعها تنهداً مختلفاً حينما تطرق مسامعه.. تمر كلمة (الهلال) على مسامع أولئك الخاصة وكأنها لأحدهم تمثل اسم معشوقه الأول، فتتحرك المشاعر جياشة كامتداد لما قاله العبقري القديم:

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحب إلا للحبيب الأولِ

تدلف تلك الكلمة - بحروفها الهادئة - قلوب محبيها قبل أسماعهم، لتثير مزيجاً من الذكريات؛ ما بين فرحة قريبة عهد، وأحلام هانئة، وشوق - لا حدود له - لموعد لقاءٍ قريب، وما أصعب انتظار العاشق.

الهلال

صديق صدوق صادق الوعد منصف.. متى ما أرخيت حبل وده شده هو.. ومتى شددته أنت أرخاه هو.. ولو أقلق محبيه برهة أعاد الاطمئنان لقلوبهم ساعات.. يعلم في قرارة نفسه أن في الحرب (منطقياً) كرٌّ وفرٌّ، إلا أن معجمه اللغوي لا يستطيع إيجاد مفردة (الفرّ)، وهاهو على مر السنين يكرّ ويكرّ حتى أشفق عليه محبوه خشية إجهاده، لتجيب إنجازاته بالنيابة عنه قائلة: (لقد ولدت مستعداً لأكون الأول)، إلا أنه يدرك كذلك أن السأم يصيب الناجح باستمرار كما هو حال الساقط باستمرار، فيقسو على محبيه أوقاتاً تكون كالإكسير لإشعال التوق نحو اللقب القادم، وكأن هذا الكيان الجميل يتمثل بالمقولة المجربة:

إذا لم يكن في الحب سُخطٌ ولا رضى

فأين حلاوات الرسائل والكتْبِ؟

الهلال

كما كان فارس القبيلة العربية القديمة.. مفخرة لمن ينتمون إليه ومصدر عزة - تتناقل أخباره الركبان - لمن يشاركه النسب.. كما كان هذا الهلال وكما هو حتى اللحظة.. مصدر فخر وعزة لمن يشاركه الميول، وكما نقل عن أولئك الفرسان من بثهم الرعب في قلوب خصومهم بمجرد ذكر أسمائهم، مازال اسم الهلال يحدث قشعريرة في أبدان خصومه في غير فصل الشتاء، فيبدأ الهم الواحد وتجتمع الأحلاف وتدق الطبول، ولسان حال أولئك جميعاً: كيف لنا أن نسقط هذا الفارس المغوار؟.

الهلال

فارس ملكي.. ولا غرو.. فقد سماه ملك الجزيرة باسمه واختار له لقبه والد منافسيه أنفسهم.. لتتزامن ولادة هذا الفريق الملكي مع بداية تاريخ مجيد وحاضر مذهل ومستقبل مشرق، ما بين إنجازات وألقاب وأرقام قياسية، لم يعد يكفي معها ذات المداد الذي تسجل به إنجازات غيره مجتمعة.

الهلال

شاب متزر بحكمة الشيوخ.. وكهل يحتزم عنفوان الفتوة.. يعلم علم يقين أن مصير المميز أن يكون محسوداً.. ويؤمن بكل جوارحه أن الدائرة تدور حوله.. وأن قدره أن يكون كيوسف (الأفضل والأقوى والأجمل والأكثر محبة).. وعليه سيكون البقية كإخوة يوسف أكثر غيرة ورغبة في إسقاطه في غيابة أي جب كان، محليا أو قاريا أو عالميا.. وليت شعري من سيقف أمام من كان سيفه الخبرة ودرعه النية النقية؟.

الهلال

يتهم ظلماً بأنه المحابى.. فتزيد انتصاراته.. يرمى مسيروه وجماهيره بصفات سوداء منذ الأزل فلا يزيدهم ذلك إلا إصراراً وعشقاً لذلك الكيان.. تبرر انتصاراته بوصولية وتلاعب.. ليطالب هو - على عكس المنتظر والمنطقي - بجلب كل ما من شأنه إظهار الحقيقة وإزاحة ما يحاول أولئك بثه من ألاعيب ليست إلا وحي خيال.. ولسان حال ذلك الكيان العظيم: لا يلام أصحاب تلك العقول.. فمثل أولئك لن يجدوا ما يعزون إليه تفوقي الدائم وخسوفهم المستمر إلا بهكذا ادعاءات.. فعقولهم تعجز عن اكتشاف غير ما ذكر.. وفاقد الشيء - هنا - لن أقول لا يعطيه.. بل لا يمكنه حتى أن يتخيله. دامت زرقتكم يا من انتميتم إليه.. ودام هلالكم راسماً للبسمات على شفاهكم.

عبد الله الباتلي


al-batli@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد