تحليل - وليد العبدالهادي*
من حسن حظ المستثمرين أن القارة العجوز هي من تعاني الآن، حيث عجزت عن اتخاذ قرار بشأن إنقاذ دولها المتعثرة، لكن الجيد في ذلك هو أن القارة لا تتضمن دولاً تحتل مراتب متقدمة في نمو الناتج المحلي كما أنها لا تحتلها ضمن قائمة المستهلكين الكبار للنفط ولم تكن القارة الأكبر في الإنفاق على خطط الإنقاذ لكنها مصيبة حلت على رؤوس المستثمرين الاستراتيجيين هناك، وسط مخاوف من تكرار أزمة النمور الآسيوية في 1998م لكن هذه المرة قد تأخذ شكلاً يهدد الوحدة الأوروبية، خصوصاً أن تدني اليورو المرعب والاقتراض المتهور من قِبل البنوك الأوروبية في العقد الماضي وضعف الرقابة الحكومية المصرفية هي أسباب تعثر أوروبا والأسباب نفسها التي عصفت بالنمور الآسيوية مع فارق الأرقام، ولمزيدٍ من التفصيل والتوضيح سنستعرض أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم؟
الدولار الأمريكي:
خيارات المتحوطين باتت محدودة وتنقلهم بين الدولار والذهب أصبح مزعجاً للأسواق لكن الدولار الأفضل لديهم حالياً وهناك إمكانية العودة إلى 78.5 أمام سلة عملاته لترتيب المتوسطات
(50-100-200) يوم، أما الذهب سلوكه الهابط لا يزال مستمراً حتى يستوطن دون 1000 دولار للأونصة، وفيما يتعلق بخام نايمكس فقد صعد بناء على مناورات سياسية بسبب إيران وعجز القرار الأوروبي في الإنقاذ تمخض عن ذلك صعوده إلى 77.2 دولاراً للبرميل على الرغم من ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية لآخر تقريرين ولا تزال أسواق النفط تسلك المسار الجانبي منذ أكتوبر الماضي.
ونمت مبيعات التجزئة في يناير إلى 0.5% بعدما كانت متراجعة 0.3% تلا ذلك نمو في صافي التدفقات النقدية لشهر ديسمبر إلى 60.9 مليار دولار تظهر تحسن في الأموال الداخلة للاقتصاد بسبب المستثمر الصيني الذي زاد من استثماراته مؤخراً في أمريكا، وبخصوص المنازل حيث النشأة زادت إلى 591 ألف منزل بنسبة 6% في يناير لكن ما يثير المخاوف هو نمو أسعار الواردات إلى 11.5% مع نهاية 2009م في الوقت الذي لا يزال عجز الميزان التجاري منكمشاً بسبب طلبات البلاد الملحة على النفط، وحصيلة ذلك هو دولار قوي قاد أسواق العملات الأجنبية على الرغم من مضايقة الين.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي:
لكل يورو هناك دولار واحد يقابله هذا ما سيكون عليه سعر صرف اليورو مقابل العملة الخضراء وهي مسألة وقت، وأفضل ما بوسع الزوج هو ملامسة سريعة لمستوى 1.40 لكن لا بد بعدها من أن يواصل نزيفه إلى 1.30 وهو ما يظهر جلياً من سلوك الحركة الفنية.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي:
فنياً لم يتغير ما يستحق ذكره حقيقة سوى أن مستوى 1.53 هدف مرصود ومدفوع يظهر من قوة زخم الشموع البيعية الحالية وهي منطقة ارتطام بضلع القناة الهابطة السفلي، لكنه أفضل حالاً من شقيقه اليورو مقابل الدولار لكنه بحاجة إلى التأسيس على خط الاتجاه الصاعد من 1.34 تقريباً.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:
قد يكون نجم التعاملات الأسبوع القادم والظروف مواتية له وأصعب ما يمكن مواجهته هو مستوى 91.3 حيث الارتطام بخط الاتجاه الهابط الذي يبلغ من العمر نحو ثلاث سنوات، وهذا مرجح بقوة وهو مصدر الخسائر التي تلقاها الدولار خلال الأسبوع الماضي.
اليورو:
ألمانيا تقلص انكماش ناتجها المحلي إلى 1.7% للربع الرابع من 2009م على المقياس السنوي مقارنة بانكماش سابق يبلغ 4.8% بسبب نمو الإنفاق الحكومي، لكن أسعار المستهلكين هبطت لشهر يناير 0.2% وعليه يرجح هبوط معدلات إنفاق الفرد على الأجل القصير، ولم يبدِ المستثمرون أي اهتمام للبيانات، حيث يركزون على كيفية تخطي أزمة المتعثرين في منطقة اليورو.
الجنيه الإسترليني:
ارتفاع مفاجئ في أسعار المنازل البريطانية لشهر فبراير على المقياس السنوي 6.1% مقارنة بنمو سابق بلغ 4.1% مع انتظار موافقات البنوك على القروض العقارية وسط توقعات متفائلة بشأنها، أما معدل البطالة (ILO) للثلاثة شهور الأخيرة بلغ 7.8% يظهر تماسكاً عند مستوياته السابقة بسبب توقف طلبات الإعانة نوعاً ما، وننتظر أرقاماً مهمة بشأن عرض النقود ومبيعات التجزئة في الوقت الذي تعاني فيه إنجلترا غيبوبةً وغموضاً في الاتجاه العام للاقتصاد الكلي.
الين
دفعة معنوية تلقاها الين من نمو الناتج المحلي على المقياس السنوي للربع الرابع إلى 4.6% مقارنة بنسبة 1.3% بسبب نمو الصادرات في تلك الفترة، وأداء قطاع الخدمات يتراجع بسبب تراجع الدخل وتدني الإنفاق العائلي مع هبوط مؤشر تريتاري لشهر ديسمبر لأدنى مستوى له منذ تسعة أشهر بنسبة 0.9%، والإيجابي في هذا الأسبوع نمو ثقة المستهلك في يناير إلى 39.4 مقارنة بالقراءة السابقة عند 37.9 لكن سرعان ما هبطت العزوم بسبب تراجع الإنتاج الصناعي لشهر ديسمبر 1.9% من 2.2% وهو ما يشير إلى كسل في أداء المنتجين، وبالتالي نتوقع هبوطاً في النمو الصناعي وأسعار المستهلكين، أما بشأن (تويوتا) عملاق صناعة السيارات فقد تخلت عن مبادئ الجودة الشاملة التي ولدت من طوكيو وسط أنباء عن اكتشاف (أخطاء) أو عيوب صناعية في سياراتها مما أطاح بثقة المستهلك بها لكن يبدو أن إستراتيجية خفض التكاليف تضغط على أداء الشركة.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الماضي الساعة 4 صباحاً بتوقيت جرينتش)