على ربحية 186 نقطة أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 6411 نقطة، وهو يمثل أعلى نقطة يصلها المؤشر منذ أربعة شهور تقريباً.. وقد تحسنت السيولة المتداولة هذا الأسبوع عن الأسبوع الماضي، إلا أن جزءاً من هذا التحسن يعود إلى التحسن في السيولة المتداولة في قطاع البتروكيماويات، وعلى رأسها سابك وكيان.. وتعد حركة التداول هذا الأسبوع في حكم العادية التي اعتاد عليها المتداولون.. وقد أبدى المؤشر العام للسوق بوادر للصعود ولكن مع التمسك بوجود ذات الميل للاستقرار..
التغيرات في خريطة المضاربات بالسوق..
يوضح الجدول (1) التطورات في خريطة التداول بالسوق خلال السنوات الأربع الأخيرة (2006-2009)، وهو يوضح أن هناك تغيرات كبيرة طرأت على توزيع حركة التداول ما بين أسهم مضاربات وأسهم استثمارية.. فخلال عامي 2006 و2007 كانت هناك أسهم معينة تسيطر على حركة التداول، وكان أغلبها يعرف بأسهم المضاربات غير الاستثمارية، مثل إنعام والباحة ومبرد وثمار وشمس والأسماك، حيث كانت هذه الأسهم الستة تحتل النسبة الأعلى من حركة التداول تقريباً.. في المقابل كانت الأسهم الاستثمارية الكبرى تتداول بكميات صغيرة، فالكمية المتداولة من سابك في عام 2009 تزيد كثيرا عن كمياتها المتداولة خلال عامي (2006-2007).. أما خلال العامين الأخيرين (2008-2009)، فقد لوحظ تقلص حركة تداول أسهم المضاربات بشكل كبير لدرجة أن الكمية المتداولة من أسهم المضاربات الستة (المذكورة بالجدول 1) خلال عام 2009 تقل عن الكمية المتداولة لسهم إنعام وحده في عام 2006.. على النقيض بالنسبة للأسهم الاستثمارية الكبرى، التي أصبح بعضها ينال حظاً أكبر في حركة التداول، وعلى رأسها سهم سابك الذي أصبح حصان طروادة السوق.. ولكن هذا الوضع لا ينطبق على كافة الأسهم الاستثمارية، فعلى سبيل المثال سهم الاتصالات بدأ ينزوي خلال العام الأخير، كذلك الحال بالنسبة لسهم الكهرباء الذي تقلصت كمياته المتداول بأعلى من 89% خلال السنوات الأربع الأخيرة.
كيف تم السيطرة على أسهم المضاربات النشطة بالسوق؟
السؤال الذي يثيره المتداولون حاليا هو: لماذا لا تعود حركة التداول على أسهم مثل إنعام أو الباحة كما كانت من ثلاث أو أربع سنوات؟ ما الذي يمنع المتداولون من ذلك؟ فهذه الأسهم كما هي، وشركتها كما هي، والسوق كما هو، بل إن السوق قد تحسن كثيراً واتسعت حدوده وزاد عدد متداوليه (سعوديين وخليجيين وأجانب بعد أن كان يقتصر على السعوديين فقط).. أكثر من ذلك، لو افترضنا أن عدداً من المضاربين ولنقل (1000) مضارب اجتمعوا فيما بينهم واتفقوا على تحريك المضاربة في سهم الباحة مثلاً، مثلما كانوا يفعلون في عام 2006 أو 2007، هل سيتحرك السهم كما كان يتحرك في الماضي؟ في اعتقادي أنه لن يتحرك كما كان سابقاً، وأن خطتهم ستفشل، غير معروف بالضبط لماذا، ولكن أعلم بأن هيئة السوق قد تمكنت من تغيير العديد من قواعد اللعبة.. المهم أن هناك من يدير توجهات المضاربين في السوق حسب خطة معينة، يمكن تحديد عناصر مهمة منها على النحو التالي:
(1) ان أسهم المضاربات النشطة الشهيرة، مثل إنعام والباحة وثمار ومبرد وشمس أخضعت لرقابة شديدة منذ بداية 2008 تقريباً (بعد الانتهاء من السيطرة على الأسهم القيادية) بشكل أو بآخر بهدف تصحيحها، لأن أسعارها كانت متضخمة جداً.
(2) ان المضاربين في السوق ما كانوا سيرضون بهذا التقييد لأسهمهم النشطة، وكان من الممكن أن يفكروا في مغادرة السوق.. لذلك، فقد أفلتت المضاربات (ولا تزال) على أسهم قطاع التأمين، الذي أوجد بيئة خصبة للحفاظ على قدر من حركة التداول (أو لنقل المضاربات) بالسوق، لعدم هروب المحافظ الاستثمارية المتوسطة والكبرى من السوق، ونقصد هنا المحافظ الاستثمارية التي اعتادت على المضاربة.
(3) أي أن هناك من خطط لنقل المضاربات النشطة من الأسهم القديمة (مثل الباحة ومبرد وشمس) إلى أسهم التأمين، وبخاصة أن غالبية أسهم قطاع التأمين تعود لشركات حديثة بالسوق، ومصدرة بعلاوة إصدار، وهي شركات تتعامل في منتجات مالية، وبالتالي فإنها أرض خصبة للمضاربات.
مراحل التصحيح في السوق..
في اعتقادي أن التصحيح في السوق قد مر بثلاث مراحل رئيسية، هي:
(1) السيطرة وتشديد الرقابة على قطاعات معينة، كان على رأسها المصارف والبتروكيماويات، ثم
(2) السيطرة على الأسهم القيادية، وعلى رأسها سابك والراجحي والكهرباء، ثم
(3) السيطرة على أسهم المضاربات، حتى اختفت من حركة التداول تقريباً.
الأسهم الجديدة.. الإمهال لفترة من الزمن ثم التصحيح..
من الأمور اللافتة للنظر أنك إذا تتبعت قوائم الأسهم الأعلى ربحاً أو خسارة خلال العام الأخير ثم خلال العامين الأخيرين، ثم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، سوف تلحظ شيئاً غريباً، وهو أن غالبية الأسهم المطروحة حديثاً في السوق تحقق أرباحاً عالية خلال السنة الأولى، ثم تبدأ في الانكسار خلال العام الثاني، ثم تصبح الأعلى خسارة خلال العام الثالث.. ونعطي مثالاً هنا بالفخارية والمعجل وبدجت والطباعة والتغليف، وغيرها، فهذه الأسهم ربحت نسباً عالية عند طرحها، واستمر هذا الوضع لفترة تصل إلى العام، ثم بدأت تخسر كل أرباحها حتى أصبحت الأعلى خسارة حالياً عند مقارنتها بمستوياتها القديمة من عامين ماضيين.. ولكن ما هو مدلول ذلك؟ تلك التغيرات تشير إلى أن كل سهم جديد يترك ويتحرك بحرية خلال فترته الأولى، ولكنه يستهدف بالتصحيح، ربما من قِبل كبار الملاك أو هيئة السوق نفسها، وفي الغالب بعد أن يتم هذا التصحيح لا يعود السهم لمستوياته المتضخمة القديمة مطلقاً.
ولكن هل استفاد السوق من المضاربات في الأسهم الاستثمارية؟
بعضهم يتساءل ما الفائدة ما دام أن الحصيلة النهائية لإصلاحات السوق هي نقل المضاربة من أسهم مضاربية إلى أسهم استثمارية؟ يعني كان في الماضي يتم التركيز على المضاربات في الباحة ومبرد، الآن أصبحت المضاربات تتركز في أسهم سابك والانماء وكيان وزين، فهل هذا مفيد للسوق؟ بالطبع هناك فائدة كبرى، على الأقل فإن النشاط التداولي أصبح يركز على أسهم استثمارية، وبالتالي فإن جزءاً كبيراً من حركة التداول يعني الاستثمار في قطاعات وشركات استثمارية.. وبالتالي، فإن طبيعة السوق تحولت من مجرد مضاربات بلا جدوى إلى مضاربات في شركات استثمارية.. فهل انتعاش حركة التداول في الإنماء مثلها مثل انتعاش حركة التداول في سهم الأسماك؟ أكثر من ذلك، فإن كل تداولات نشطة في سهم معين سيستقطع جزء منها ويصبح استثمارا من حين لآخر طالما كان السهم استثمارياً.