Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/02/2010 G Issue 13659
السبت 06 ربيع الأول 1431   العدد  13659
 
الجودة الشاملة من (اللجنة) إلى (المؤتمر)!!
سهم بن ضاوي الدعجاني

 

لقد طالب الكثيرون من الباحثين والمهتمين بالمشهد التربوي السعودي، منذ زمن طويل من خلال مقالاتهم وأبحاثهم، بتطبيق الجودة الشاملة في التعليم العام في المملكة العربية السعودية، خاصة وأنّ ذلك أصبح مطلباً معاصراً وحيوياً، من أجل التفاعل الإيجابي والتعامل بكفاءة مع المتغيرات العصرية في مجال التربية والتعليم، بما يتناغم مع ظروف العصر الذي نعيشه. إذ لا يمكن للتربية والتعليم أن تؤتي ثمارها أو تحقق نجاحها في التنمية المستديمة والتقدم الشامل للمواطن السعودي، إلاّ من خلال إجادة التعامل مع الجودة الشاملة كمنهج إداري وفلسفة بناء، فلن يقطف المواطن ثمرة المشاريع التعليمية والتربوية الرائدة التي حاولت وزارة التربية والتعليم في بلادنا تحقيقها خلال السنوات الماضية، إلاّ إذا سعت تلك الوزارة إلى الارتقاء بجودة التعليم العام، وضبطت معاييره قبل وأثناء وبعد تنفيذ برامجها ومشاريعها التعليمية والتربوية الحالية والمستقبلية، ذلك أنّ العملية التعليمية عملية ديناميكية لا يناسبها أبداً الجمود، بل لا بد أن تتأثر بالتطورات والتغيرات التعليمية المعاصرة التي لا تتعارض مع ثوابتنا والتي من بينها الجودة الشاملة، التي تعتبرها مراكز البحث المعاصرة أحد أبرز الاتجاهات العالمية الحديثة في إدارة قطاع التربية والتعليم، كما أنّ تطبيق معايير الجودة الشاملة يُعد من أبرز التحديات الداخلية التي تواجهها المؤسسات التعليمية السعودية هذه الأيام، في ظل الدعم الكبير لمشروعنا الوطني التربوي، من خلال مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام (تطوير).

ولمزيد من الدعم الفاعل لعمليات تطبيق الجودة الشاملة، ونشر ثقافتها داخل أروقة وزارة التربية والتعليم، وتحقيقاً للتغذية السليمة لجسدنا التربوي في قطاع التعليم العام، وذلك ببناء أطر العمل المؤسسي في الوزارة والميدان التربوي، ووصولاً إلى تجويد مخرجات منظومة العمل التربوي في ضوء معايير مرجعية معتمدة، ولمزيد من التناغم مع سوق العمل ومتطلّباته البعيدة قبل القريبة، أصدر صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم، قراراً يقضي بإنشاء لجنة عليا للجودة الشاملة في الوزارة، لدعم عمليات تطبيق الجودة ونشر ثقافتها.

وهناك سلسلة طويلة جداً من المهام التي تنتظر هذه اللجنة العليا للجودة الشاملة بالوزارة، منها رسم السياسة العامة للجودة الشاملة وتحديد أولويات تنفيذها وإقرار الخطط الاستراتيجية والمشروعات والبرامج والميزانيات المتعلقة بالجودة الشاملة، والموافقة على نشر الأطر المرجعية والمواصفات ومؤشرات قياس الجودة في التعليم، والاطلاع على التقارير والدراسات المتعلقة بالجودة الشاملة وإقرارها والتوجيه بمتطلّبات تعميمها ونشرها، والعمل على بناء شراكات فاعلة مع مؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية لتنفيذ برامج الجودة الشاملة، وإيجاد قنوات اتصال مع الهيئات الوطنية والإقليمية والدولية والمنظمات التي تهتم بالجودة الشاملة في التعليم العام.

وهنا يمكن اختصار أعمال هذه اللجنة في هدف محدد يهم المواطن بالدرجة الأولى، ألا وهو تجويد مخرجات منظومة العمل التربوي في ضوء معايير مرجعية معتمدة، نعم مخرجات وطنية نافعة لذواتها وأهلها ووطنها.

كما أقترح على وزارة التربية والتعليم في عهدها الجديد، أن تبادر بالدعوة لعقد مؤتمر (الجودة الشاملة في التعليم العام)، لتؤسس بذلك لثقافة الجودة الشاملة في الأسرة والبيت قبل المدرسة والنادي، وليكن ذاك المؤتمر الحلم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز راعي التعليم الأول في بلادنا، لتسجل الوزارة بذلك المؤتمر حضوراً مميزاً في مجال تنمية الوعي الوطني بمفهوم الجودة الشاملة في التعليم العام، وتبصير مؤسسات المجتمع السعودي بأهمية الجودة الشاملة في تطوير التعليم العام، وكذلك الاطلاع على تجارب الدول العربية المجاورة والأجنبية الصديقة في مجال الجودة الشاملة في التعليم العام، لوضع معايير للجودة الشاملة في التعليم العام السعودي، في ضوء الاتجاهات العالمية المعاصرة، ولعل أوراق المؤتمر تركّز على مهارات البحث العلمي في ضوء معايير الجودة، ومعوقات الجودة الشاملة، بالإضافة إلى معايير أداء مديري المدارس وكافة العاملين في الميدان التربوي، من خلال أساتذة الجامعات والباحثين السعوديين المختصين، وأمثلة تطبيقية لضبط جودة التعليم في الدول المتقدمة ذات التجارب الرائدة في صناعة المستقبل.

أخيراً:

بين تشكيل اللجنة التي أمر بها سمو وزير التربية والتعليم والمؤتمر الذي يطمح إليه التربويون في بلادنا، مسافة من العمل الجاد لبلورة مشروعنا التربوي الوطني ليعانق طموحات المواطن السعودي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد