Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/02/2010 G Issue 13657
الخميس 04 ربيع الأول 1431   العدد  13657
 
صدق الله فوضع الله له القبول في الأرض
سليمان عبدالله أبا الخيل(*)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. وبعد: فلا يرتاب أحد أننا نعيش نعماً متوالية ومنحاً إلهية وافية أجلها وأعظمها نعمة التوحيد الخالص وإخلاص

العمل لله وحده لا شريك له ثم نعمة الولاية الراشدة والقيادة الحكيمة، التي استفاض خيرها وعم أثرها العالم أجمع، وما نبأ تصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- وللمرة الثانية زعماء العالم الإسلامي من حيث الشخصية الأكثر شعبية في استطلاعات الرأي حول القادة الأكبر شعبية وتأييداً بين المسلمين والتي أجراها مركز «بيوي» الأمريكي إلا أعظم شاهد على ذلك، حيث حظي من خلال الاستطلاع - حفظه الله - بشعبية جارفة بعد أن كان قد تصدر في المرة الأولى الاستطلاع في عام 2007م، وذلك لاتخاذه القرارات والخطوات الصحيحة بشأن القضايا العالمية.

إنني أعترف أن البيان عاجز، والبلاغة قاصرة، والأحرف لا تفي بمكنون الفؤاد، كيف لا وهي مناسبة وطنية بل وعالمية تعبر عن منجرات عظيم من عظماء المسلمين، وإمام فذ، ووالٍ عادل، وحاكم رشيد.

إن مجيء إمامنا ومليكنا خادم الحرمين الشريفين للمرة الثانية في قائمة الشخصيات الأكثر تأثيراً وشعبية بين المسلمين خاصة والشخصيات العالمية بعامة خلال عامين يجسد تميز شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله - المحبوبة والمؤثرة كرجل دولة من الطراز الفريد، كما يجسد المكانة العالية التي يتبوؤها -أيده الله- ليس في قلوب أبنائه السعوديين فحسب وإنما في قلوب المسلمين في أصقاع الدنيا، سجل حافل بالبذل والعطاء والإخلاص، حكمة بالغة، ورأي سديد، وقرارات صائبة في مختلف المواقف والأزمات وهو اعتراف عالمي بهذه الشخصية القيادية التي بهرت العالم بفضل الله وتوفيقه لما يحظى به -حفظه الله- من حكمة وسياسة في معالجة الكثير من الأزمات على المستوى الإسلامي والعالمي، إن العالم الإسلامي يشاهد على مدار الساعة إنجازات حكومة خادم الحرمين -أيده الله -في المشاعر المقدسة توسعة وإعماراً وخدمة، فمن يطلع على المنجزات الإسلامية في الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة يرى ما يثلج الصدر، وترتاح له النفس، وتقر به العين، ويلهج بسببه اللسان بالدعاء لمن قاموا عليه، وتابعوه وعملوا على بذل جهودهم وإمكاناتهم المادية والمعنوية من أجل إظهاره بالصورة المطلوبة والمرغوبة. ولقد كان لذلك المشروع الإسلامي العظيم المتمثل في تطوير منطقة الجمرات وما حولها والذي يُعد مبرة من مبرات ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومفخرة من مفاخره، وهدية من هداياه المتتالية لأمة الإسلام والذي شاهده الناس في أصقاع المعمورة عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة واقعاً حياً ملموساً يتفيؤ ظلاله ويستفيد من آثاره وثماره كل حاج ممن حج بيت الله الحرام. وليس هذا فحسب بل الأعظم من ذلك والأروع والذي أصبح مضرب المثل ومحط الإعجاب والافتخار والاعتزاز تلك التوسعة المنقطعة النظير للحرمين المكي والنبوي والتي أولتهما دولتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهد الأمين - حفظهما الله - جل الاهتمام والعناية من أجل إتمامهما وتنفيذ المشاريع الجبارة كل المقدرات والإمكانات الهائلة، وإذا انضاف إلى ذلك تلك الخدمات المتميزة والظاهرة والملموسة والتي تؤدي فيهما من سقاية ونظافة ورعاية ومتابعة واهتمام بالغ كانت النعمة أعظم وشكر الله أوجب والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم يطلب، أفيستغرب أن يكون لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- ذلك القبول العالمي، وفي الشأن الإسلامي عموماً نجد أن قضايا المسلمين وفي مقدمتها قضية فلسطين يقرأ المتأمل الراصد مواقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله - الثابتة والحازمة التي لا تقبل أنصاف الحلول، وهكذا في كل شأن إسلامي فإسهاماته الاقتصادية والاجتماعية ومبادراته في إغاثة الشعوب المنكوبة ومساعدتها، والروح التصالحية التي يتسم بها خادم الحرمين الشريفين ونظرته باحترام إلى الآخرين تلك النظرة التي تمثلت في دعوته - أيده الله - إلى حوار أتباع الأديان ودعوته دائماً إلى التسامح بدلاً من الحروب والدمار مما أكسبه تقدير العالم أجمع.

إن مليكنا وولي أمرنا من الأفذاذ الأوفياء الذين صدقوا الله في رعيتهم, وفي قضايا أمتهم فصدقهم الله في وعده, ووضع لهم قبولاً في أرضه, وألقى محبتهم في قلوب شعبهم ورعيتهم, وهذا مصداق ما أخبر به رسولنا صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عليه السلام فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ, قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام, قَالَ: ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا, قَالَ: فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ, ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ «, فنحتسب على الله أن تكون هذه الشهادة والثناء والتقديرالعالمي والمحلي هو من القبول الذي وضعه الله له, كما أنه موعود بالخيرية التي هي نوع اصطفاء واختيار حينما تجتمع القلوب عليه, وتكون المشاعر متبادلة بينه وبين رعيتة, وبين المسلمين في أقطار العالم، قال صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ»,

وإنها لمناسبة تأريخية وتقدير له أثره على قلب كل مواطن، بل كل مسلم، لأنها تعد شهادة لها وزنها بما تمثل به ولاة أمر هذا الوطن العزيز منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه- وحتى عهد الخير والنماء, عهد ملك الإنسانية الملك- عبد الله بن عبد العزيز -أيده الله بنصره, وزاده عزّاً وتمكيناً.

وما قامت عليه هذه الدولة المباركة، من ثوابت تأسست على نصرة الكتاب والسنة، والقيام على أصل الأصول، وأساس الأمن، وأوجب الواجبات: توحيد الله جل وعلا، بصورته الصافية النقية كما نزلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حامية هذا الأصل مما يشوبه ويكدره، محققة لجوانبه، ومع تمسكها بهذه الثوابت العظيمة التي هي أساس العز والتمكين، وسبب كل خير عميم إلا أن ذلك لا يمنعها من التعامل مع متغيرات العصر، وتفاعلات الواقع، آخذة بكل سبب يؤدي إلى النهوض والارتقاء، وبلوغ الريادة والعالمية. هذا المنهج الرشيد، والمسلك السديد هو ما قامت عليه بلادنا الغالية لا سيما في هذا الدور الذي أقامه وشيد بناءه الملك المؤسس الباني المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، واستمر عليه أبناؤه البررة، متفاعلين مع قضايا العصر وتجدد الحوادث، وتعقيدات الواقع. إنني أقول وأنا أستشعر حلاوة الفرحة وغمرة السعادة بما حظي به مليكنا المفدى من تقدير عالمي له أبعاده ومسبباته لا على الصعيد الخارجي فحسب بل حتى على الشأن الداخلي الذي صار به عهد ملك الإنسانية عهد خير وبركة على هذا الوطن الآمن ومواطنيه، ولست هنا بصدد رصد الإنجازات الملكية لخادم الحرمين الشريفين أو حشد المقام بأرقام وإحصاءات مع أهمية كل ذلك، لكني أردت أن تكون هذه الأسطر تعبيراً صادقاً عن مشاعري التي لا أملك إخفاءها وإخال أن كل مواطن يحملها تجاه ولي أمرنا، وباني نهضتنا، وحامي وحدتنا خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله وأعزه ونصره- وهو يمتلك قلوب المسلمين ويشيدون بقدراته وما حباه الله به من خلال.

والطيب من معدنه لا يستغرب، لأن هذه الأسرة الماجدة من آل سعود نهلوا من مدرسة الملك الباني - غفر الله له - ونذروا أنفسهم في خدمة الدين والوطن، ولذا فإن مليكنا - أيده الله - يسجل له التاريخ بأحرف من نور، وترصد له لغة الأرقام والمنجزات ملحمة خاضها منذ أن اختاره أخوه جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - رئيساً للحرس الوطني عام 1383هـ، ليضع خبرته القيادية والعسكرية والسياسية في تشكيل وتطوير هذا المرفق الهام، ويستمر عطاء الملك الإنسان، وتبرز مواهبه وقدرته الفذة فيختاره الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - نائباً لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى رئاسة الحرس الوطني عام 1395هـ، وبعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بويع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - حفظه الله - حينها ولياً للعهد ويصدر أمر ملكي في اليوم نفسه بتعيينه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء، ورئيساً للحرس الوطني، وولياً للعهد ويكون - حفظه الله - نعم العضد والمعين، ولي ناصح، وسند متين للملك الراحل - رحمه الله. وفي يوم الاثنين 26-6-1426هـ تمت مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية، لتتوج تلك العطاءات بهذه المناسبة التاريخية، ولتتوالى الإنجازات لا على المستوى الداخلي فحسب، وإنما على كافة الأصعدة، ونعيش ثمار تلك الملحمة واقعاً نتفيأ ظلاله، ونحمد الله على فضله وكرمه، ونسأل أن يحفظ علينا هذه النعم من الزوال. إن هذا الاعتراف الذي حظي به المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إحدى نعم الله تعالى على الأمة الإسلامية، وعلى وطننا الغالي بخاصة، ونستشرف من خلاله تقديراً عالمياً وريادة لقائد استشعر هموم شعبه واستشرف تطلعاته، ومهد الطريق له، وهيأ له كل نواصي الخير، وجعل المملكة بحق مملكة للإنسانية والعطاء الإنساني الخير.

وأما في المجال العربي والإسلامي والعالمي فإن اختيار خادم الحرمين باعتباره من الأشخاص الأكثر نفوذاً وتأثيراً يعني استناد الؤسسة العالمية على معطيات علمية وإحصاءات دقيقة لرصد تأثيرات القرارات والمواقف للمليك، ولا غرو فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله يعد بحق أحد أقطاب السياسة ليس في هذه المنطقة فحسب ولكن على مستوى العالم، ناهيك عن الدور الريادي الكبير الذي تلعبه المملكة العربية السعودية على الساحة الإسلامية والدولية، وما يمثله ثقلها العربي والإسلامي من حضور طاغٍ على الساحة الدولية، وفي كل محافلها، كما أنه يتسم بروح من الشجاعة والحكمة أهلته للتربع في مكان القادة القلائل في العالم الذين يصغى إليهم ويسمع لآرائهم باهتمام شديد، خاصة وأنه مشهود له بصواب الرأي وبعد النظر والحكمة في المواقف الصعبة، بالإضافة إلى الثقل الاقتصادي البارز الذي تتميز به المملكة، لذا فإنني أوجز مشاعري بأن أقول: هنيئاً لنا بخادم الحرمين، وإمام المسلمين، لقد مكن لهذه البلاد، وقادها باقتدار إلى الريادة والمثالية الطموحة، وإنجازات مليكنا حديث لا يمل، ومعين لا ينضب، يوقفنا بتصرفاته ومبادراته على تمسكه بالإسلام وقيمة وأحكامه، والشعور بشعور الجسد الواحد يجعل قضايا المسلمين وما يحل بهم فوق كل اعتبار، ويساهم ويشارك بكل ما أوتي من ثقل وقوة عالمية ليوظف هذه المكانة في مشاركة المسلمين قضاياهم ومعاناتهم، فالحمد لله الذي وفق خادم الحرمين الشريفين إلى مثل هذه المساهمات المؤثرة، التي غيرت كثيراً من المفاهيم والتصورات التي كان يحملها البعض عن الإسلام عموماً، وعن بلاد الحرمين خصوصاً، ونسأل الله سبحانه أن يمكن لإمامنا وولي أمرنا، وأن يسدد قوله وفعله، ويجعله من أنصار دينه وأعوانه، وممن يجدد الله بهم الدين في هذا العصر، كما نسأله سبحانه أن يحفظه بحفظه، ويكلأه برعايته، ويمده بعونه، ويديم عليه نعمه إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(*) مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد