هيئة الاتصالات أصدرت قراراً لم تستطع أن تدافع عنه حتى الآن، مؤداه أن (خفض) الشركات لأجور مكالمات الهاتف المحمول خلال وجود عملائها خارج المملكة، ممارسة (ممنوعة)، ومُضرة، وعليها من التبعات (الخطيرة) ما لا تعلمون؛ يكفي أنها تضر بمساهمين وإدارات الشركات الثلاث، وتخفض أرباحهم؛ لذلك يجب على الشركات الثلاث أن تتنبه إلى هذا الضرر الذي تلحقه بنفسها وبأرباحها وبدخل مساهميها، وترفع أجور المكالمات الدولية (بما لا يقل) عن 50 % من أجور المكالمات المحلية كما جاء بالنص في قرار الهيئة.
معنى ذلك، وحسب القرار، فإن الشركة التي ستخفض أجور المكالمات الدولية على المشتركين، ستتعرض للعقاب؛ لأن أنظمة الهيئة لا تجيز أن تقدم الشركة مثل هذه الخدمة المخفضة؛ فأنظمة الهيئة همها، وغاية طموحها، أن تلتزم الشركة بنظام الهيئة، حتى وإن أدى ذلك إلى (مَص) المشترك؛ فالمهم الأنظمة، أما المشترك فهو آخر ما تهتم به هذه الهيئة التي يقولون إنها (حكومية)؛ فالعبرة بنصوص النظام (الحرفية) لا بمقاصد وغايات النظام، والأهداف التي أنشئ من أجلها. هذا بصريح العبارة ما فهمه الجميع من قرار هيئة الاتصالات الذي عجزت الهيئة أن تدافع عنه، رغم محاولاتها اللاهثة لفعل ذلك.
وكنا ننتظر أن يتولى الدفاع عن المستهلك، أو المشترك، جمعيات المجتمع المدني التي هي في طور التأسيس في بلادنا. رئيس جمعية حماية المستهلك رفض التعليق حول الموضوع، مكتفيا بقوله لجريدة عكاظ: «إن الجمعية تتابع الموضوع، وسيتم إصدار بيان بشأنه الأسبوع المقبل». وأضاف: «إن البيان سيشمل كافة الجوانب المتعلقة بهذا القرار» . ونحن في انتظار التعليق بعد أن (يقلبها) سعادته، ويحسبها، ثم تتخذ جمعيته العتيدة موقفاً إما مع أو ضد هذا القرار الجائر!
أما (اللي جاب العيد) فمصدر مسؤول في (مجلس حماية المنافسة) - وهو مجلس نصف أهلي ونصف حكومي -؛ فقد صرح هذا المصدر المسؤول لعكاظ قائلاً: «إن قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بإيقاف خدمة استقبال المكالمات المجانية خلال التجوال الدولي ليس فيه إخلال بنظام المنافسة». وأكد ل(عكاظ) أن «هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سنَّت القوانين واللوائح المنظمة لنشاط الاتصالات وتقنية المعلومات، وأن على الشركات التي تعمل تحت مظلة الهيئة أن تتماشى مع النظام الذي وُضِع من قِبل الهيئة». كذا ورب البيت!
في كل بلاد الدنيا تحرص الجهات الحكومية على ألا يستغل أصحاب رؤوس الأموال المواطنين؛ لذلك كان (التنافس) بين الشركات، وبالذات شركات الخدمات، هو الضابط الرئيس لكبح شركات قطاع الخدمات الخاصة ومنعها (الجشع)، ومص جيوب الناس من خلال احتكار الخدمات. وكلما اتجهت هذه الشركات إلى التنافس فإن المحصلة تكون في مصلحة المواطن؛ لذلك تحرص الجهات الحكومية على دفع الشركات وتشجيعها على خفض ما تتقاضاه من أجور خدمة للمستهلك الذي يجب أن يكون له، وليس للشركة، (الأولوية المطلقة). فغاية أنظمة المنافسة - أولاً - خدمة المستهلك، وحمايته من جشع التجار واحتكارهم للخدمة.
أما أن يصطف المجلس - كما (سرب) مصدره المسؤول - في صف الهيئة، ويدافع عن قرار مؤداه في النهاية الإضرار بالمستهلك، وزيادة أرباح الشركات على حساب المستهلك، تحت شعار (حماية المنافسة)؛ فلا يسعنا - للأسف - إلا أن نقول: «ما اردى من ديّانها إلا ضمينها»، ثم.. إذا كان المتحدث (مصدراً مسؤولاً)، ويتحدث في حدود النظام؛ وراه (متلطم)؛ فلماذا لم يكشف عن هويته؟.. هل يستطيع أن يجيبني رئيس المجلس أو أحد أعضائه؟
إلى اللقاء.