كان الغزل ولا يزال عنصراً قوياً من عناصر الوجد والهيام والصبابة، وملاذاً يلجأ إليه الشعراء والكتاب كلما جنهم الشوق والحنين إلى سعير الحب ولهيب الغرام. حيث شكلت الأنثى الملاذ الوحيد لهم في جميع أحوال التجليات، وتلك فطرة الله التي فطر الناس عليها. وحول حواء نُسجت الأساطير، وأساطير الحب أبرزها، زخرت بها جميع آداب الإنسانية منذ القدم وحتى الكتب المقدسة حملت الكثير من وهج هذا الضوء العاطفي المتدفق، وفيه تشكلت عناصر الأسرة وانصهرت العواطف والغرائز. حتى أصبحت الأنثى ربة الشعر عند اليونان، وقديسة في بعض الأديان وعند العديد من الفرق والمذاهب.
|
لا عجب أن زخر الأدب العربي بكم هائل رائع من صنوف الغزل. وقف بعض الشعراء حياتهم عليه دون غيره من ألوان الشعر. كما حفل بلوحات لا أحلى ولا أجمل من مظاهر الحب والعشق العذري..
|
وهذه لوحة تجسد جمال وروعة هذا الغزل والوصف الأخاذ.
|
سقط فنجان من يد حسناء فكسر. وتبارى الشعراء في وصف ذلك والتشبيب به:
|
|
ثملَ الفنجانُ لمّا لامستْ |
شفتَاهُ شفتيها فانكسر |
وتلظتْ من لظاه يدها |
وهو لو يدري بما يجني اعتذر |
حملته عند ذا من كفها |
يتلوى قلقاً حيثُ استقرْ |
فهوى من وجده مستعطفاً |
قدميها وهو يبكي فانكسر |
|
إن هوى الفنجان لا تعجب |
وقد طفر الحسن على مبسمها |
كل جزء طار من فنجانها |
هو ذكرى قبلة من فمها |
|
عاش يهواها ولكن في هواها يتكتم
|
كلما أدنته منها قبل الثغر وتمتم
|
دأبه التقبيل ما ينفك حتى يتحطم
|
|
ما هوى الفنجانُ مختاراً ولو |
خيروه لم يغادر شفتيها |
لا ولا حطمه اليأس فها |
هو ذا يشتكي منها إليها |
هي ألفته وذا حظ الذي |
يعتدي يوماً بتقبيل عليها |
والذي أبقاهُ حياً سالماً |
أمل العودة يوماً ليديها |
خالد الخنين- الرياض |
|