Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/02/2010 G Issue 13657
الخميس 04 ربيع الأول 1431   العدد  13657
 
نواعم الإبل..!
علي الخزيم

 

عرف عن العرب ولعهم بالخيل وارتباطهم الحميم بالإبل، واعتمادهم على تربية الماشية والعناية بها كعنصر اقتصادي هام يعول عليه في كثير من التعاملات، وللخيل في ديوان العرب حضور كثيف محبب، بل إن ذكرها في قصصهم وأشعارهم تناول المدح والتباهي والتفاخر بالجياد والأفراس، وحين يفد وجهاء العرب إلى أمثالهم من جيران وأصدقاء غير عرب فإن الهدية المأمولة جواد عربي فاره أو فرس من كرام الخيل وأعلاها صهوة وأصغرها رأساً، وفي كتب العرب عن إبلهم وخيولهم ما يطرب القارئ والباحث في هذا الشأن، غير أنه يألم كثيراً وهو يتابع أخباراً تتحدث عن أن السلطات الأسترالية المختصة قد طرحت أفكاراً للتخلص من مئات الآلاف من الإبل (بما في ذلك الإعدام) بزعم أنها بتكاثرها تهدد البيئة الصحراوية والزراعية مع عدم جدوى بقائها ترتع في تلك الفيافي، فقد ظلموها بداية حين اقتادوها قسراً لبلادهم لخدمتهم ويخططون الآن لنفيها من الأرض أو دفنها تحت الأرض توفيراً للوقت والجهد، وإمعاناً في إذلالها وقد حملتهم، وإزهاقها وقد صبرت عليهم باذلة ما بوسعها لخدمتهم في ظروفهم القاسية، وتفيد أخبار تعددت مصادرها أن عرباً استنهضتهم الشهامة هبّوا لنصرتها وأنهم يخططون لجلبها إلى ديار من يكرمون الإبل ويحسنون التعامل معها وكأنها من بقية العائلة وأحياناً يمضي العربي مع إبله وقتاً أكثر مما يقضيه مع أولاده ويسمي إبله (الحلال) ويطلقون على الإبل مسميات حسب ألوانها وأحجامها وأعمارها ليس فيها اسم مشين أو معيب، في حين أن موظفي الأحوال المدنية يعترضون على سوء تسمية أحد الأبناء، ويبدو أنه مع شهامة الإخوة العرب تجاه تلك الإبل الأسترالية لم يتصوروا وضعاً مربكاً وقد يكون محرجاً أمام إبل العالم كلها؛ ذلكم أن جمالاً في صحرائنا حينما تشاهد نياق أستراليا ستزهد بما حولها من نياق عربية وستكثر المشكلات العاطفية وتزداد نسبة الطلاق، ويبدأ (حواشي إبل العرب) بملاحقة (جذعات) أستراليا وسيكون حاجز اللغة عاملاً بارزاً لكثرة سوء الفهم وتباين التفاسير الغزلية، وبالتالي الدخول في معارك غرامية قد تكون لها آثار سلبية في العلاقة بين جمالنا وجمالهم، لذلك فإني أرى أهمية التوعية المسبقة بين هواة اقتناء الإبل ومربيها عندنا لأخذ الحيطة بأنهم يتعاملون مع جنس وسلالات مهجنة في تلك الديار، ليمكن نقل التصور عن حالة الجمل المحلي وهو يشاهد ناقة رقيقة بعيون خضراء وصوف على الغارب يتلاعب به النسيم، وسنام كأنه وسادة مخملية، ورقبة شبه مستطيلة تتدلى منها خصلات صوف منتظم وكأنها خرجت للتو من صالون التجميل.. إلى آخر ما تتمتع به الناقة الخواجية، فكيف يكون موقف الجمل الصحراوي الذي لم يألف ولم يعهد هذا المنظر بين النياق حوله، وسيقع جملنا العزيز في ورطة أُخرى وهي أنه سيحتار باختيار اسم للمعشوقة الجديدة الناعمة، فهل يليق بها اسم الصفراء أو الزرقاء أو الدغماء؟! هذه تحتاج لاسم مناسب ومناورات غزلية مختلفة ورقة في التعامل غير ما كان يعرفه ويمارسه.. فلا بد (للهرش) من وقفة تأمل فهو الآن ليس أمام (فاطر) المجاهيم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد