Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/02/2010 G Issue 13657
الخميس 04 ربيع الأول 1431   العدد  13657
 
أوتار
المخدرات.. وعلاقتها بالجريمة
د. موسى بن عيسى العويس

 

هناك مقولة تذهب إلى أنه (ليس كل اللصوص متعاطي مخدرات، ولكن كلّ المتعاطين لصوص..)، هذه المقولة تضعها الدوائر الأمنية بعين الاعتبار، وهي تتتبع خيوط بعض الجرائم، وتأسيساً على ذلك.. كثير هم المتسائلون عن أسباب انتشار الجريمة، وتعدد أساليبها وأسبابها، سواء في هذه البلاد.. أم في غيرها من بلدان العالم، فالجريمة المنظمة تكاد تكون ظاهرة عالمية، تنشط في إقليم، وتضعف في آخر تبعاً للعوامل المؤثرة، والظروف الصانعة لأوكارها، وأمام استفحال مثل هذه الظواهر تبدأ المؤسسات ذات العلاقة بالنشء والجمهور بشكل عام تتقاذف المسؤوليات، وتتبادل التهم، وتحاول بشتى الوسائل تبرئة ساحتها أمام الوقائع المتتالية والمتكررة.

من المتفق عليه أن (المخدرات) بمعظم أصنافها مغيّرة لحياة الإنسان أكثر من غيرها.. وأسرع، فبواسطتها يتحوَّل ذلك الإنسان الهادئ إلى كائن هائج، وشرير، ومجرم في الوقت نفسه، وإذا ما توافرت فيه تلك الصفات فرّط في عرضه، وشرفه، وماله، ولجأ إلى الاختلاس، والرشوة، والسرقة، وكل تفريط في مثل هذه المجالات يُعدّ جريمة كبرى في حق الإنسان، لأنها لا تقع إلا في ظل انسحاب العقل البشري واختلاله، حين تستبد به العصبية الزائدة، والحساسية الشديدة، والتوتر الانفعالي، فلا يستطيع - والحالة هذه - تكوين علاقات طبيعية وإيجابية مع الآخرين.

المخدرات أحد العوامل الرئيسة فيما تعانيه المجتمعات من مشكلات صحية، واجتماعية، واقتصادية، وأمنية، وهي مشكلات مهّدت بشكل.. أو بآخر لتنامي الجرائم التي لم تعد قاصرة على فئة عمرية محددة، بل نجدها عند فئة الأطفال، والشباب في مختلف الأعمار، وبين كافة الطبقات.. وقد تناولت إحدى الدراسات العلاقة بين المخدرات والجريمة، وخلصت إلى أن غالبية من استطلعتهم الدراسة من القضاة يرون وجود ارتباط بين الإدمان على المخدرات والسلوك الإجرامي.

من المتعارف عليه أن عصابات المخدرات وتجارها يلجؤون إلى الدول.. أو المناطق التي تتميز بضعف تشريعي، أو جود ثغرات لممارسة نشاطهم فيها، وقد أشارت بعض الإحصائيات إلى مقتل (خمسة) من رجال الأمن كل يوم في (كولمبيا) على يد تلك العصابات الشريرة، و(واحد) كل ثلاثة أيام في إيران، وهي إلى جانب ذلك تلعب دوراً كبيراً في تمويل النزاعات القبلية، والطائفية، والدينية، وحركات التمرد في بعض الأقاليم.

في كل دول العالم تقريباً مراكز بحثية، وخبراء محترفون يعنون بجمع خيوط مثل هذه الظواهر، عبر اللقاءات، والندوات، والمنتديات.. كل ذلك من أجل إيجاد الحلول والمخارج للمجتمعات المدنية، حفاظاً على نسيجها الاجتماعي وأمنها الوطني.

في التجارة بشكل عام عرض وطلب، والمجتمع هو المنشط الأول لجرائم ترويج المخدرات مهما اختلفت الآراء، وبيده لا بغيره إغلاق سوقها وكساد البضاعة.

فيما لو أجريت دراسة أكاديمية عن حجم المناشط والبرامج التوعوية للمؤسسات التعليمية والتربوية والدينية.. لربما صُدم المجتمع فيما لو اكتشف أن هذه الآفة على خطورتها لم تشكل نسبة ذات بال.. مقارنة بالمناشط والبرامج الأخرى التي لا تتصل بصحة الإنسان، وعقله، وسلامة تفكيره، مَنْ ينصف سيقول إنها ضمن أيام معدودة، أو أسابيع محددة، كما نقيمها للنظافة، والشجرة، والمرور.. نقيم مثل ذلك للمخدرات، فهل يكفي هذا؟



dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد