استغربت في البداية مما نشرته جريدة الجزيرة في عددها الصادر يوم الأحد الماضي من استبعاد 7765 طلباً من متضرري سيول بحرة، وعظم تعجبي حين تأملت تصريح مدير إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة العميد جميل بن محمد عمر والذي جاء فيه (أن عدد المتقدمين بطلب التعويض بما لحق بمنازلهم وممتلكاتهم، أكثر من 19 ألف مواطن، مشيراً إلى أنه بعد التدقيق تبيّن للجنة وجود معلومات غير صحيحة وبعض التجاوزات، بغرض الاستفادة المالية من خلال تكرار بعض الطلبات لأكثر من مرة والتي بلغت 220 طلباً متكرراً، بالإضافة إلى تقديم كل أسرة طلباً بعدد أفرادها، حيث بلغت الاستمارات أكثر من 6 آلاف استمارة متكررة، وكذلك تكرار السجل المدني لعدد 327 متقدماً، بالإضافة إلى كشف 218 متقدماً لا يوجد لهم مساكن ببحرة، ليصبح العدد المستبعد من مستحقي التعويضات 7765 طلباً!!)، ولكن سرعان ما زال هذا الاستغراب حين تذكّرت أن لدى شريحة عريضة منا ثقافة شعبية متجذرة فحواها أن المال العام مشاع ولا تثريب على أحد في الأخذ منه ما استطاع إلى ذلك سبيلا بشرط ألا يُشتكى أو يأخذ حق الغير وحصته في مال الحكومة، واللافت للنظر أنك ربما قابلت من يحملون أعلى الدرجات ويتسنمون مناصب عليها الكلام ومع ذلك لديهم هذه القناعة بصورة أو بأخرى، وهذه التجاوزات المشار إليها في التصريح معروفة وملحوظة لدى البعض من المزارعين ومربي الأغنام وملاّك الإبل و... وتكرر كل عام وللأسف الشديد.
- استغربت من لوحة إعلان كبيرة رفعتها شركة مشهورة ومعروفة (تخفيضات حقيقية 80%)، ومبعث الاستغراب، كيف تبيع هذه الشركة وما ماثلها بهذه الخسارة الواضحة على افتراض أن هامش الربح كان فيما سبق20% أو أقل على الغالب، وزال الاستغراب حين تذكّرت أننا نعيش في زمن غياب الرقيب على الأسعار وعدم حماية المستهلك، فهو إن كان التخفيض تخفيضاً حقيقياً وبهذه النسبة أو حتى 50% فقد أخذ التاجر أضعاف الأرباح المعقولة التي تضع المستهلك في خانة الغبن المعروف، أو أن هذا التاجر أياً كان لا يعرف للسوق طريقاً وليس صاحب صنعة وهذه حالات بعيدة جداً ولا يمكن أن ترد في ذهنية التحليل حين تمر عليه لوحات الأسواق وعروض التخفيض الفاخرة!!
- استغربت من كثرة الناس الواقفين في طابور الانتظارعلى محل وجبات سريعة في مدينة الخبر الأسبوع الماضي، وزال استغرابي حين عرفت أنه فتح أبوابه حديثاً وأنه نيوزلندي الهوية، بل المسؤول فيه يحمل هذه الجنسية وحارس الباب الذي ينظّم دخول الناس هو فقط سعودي الجنسية، إذ إننا في تكويننا النفسي (راعين طفات ونحب التجربة) خاصة في الأكل وعلى وجه الخصوص إذا كان الأكل المجلوب نيوزلندياً حتى ولو كان وجبة سريعة!! ومن الوصايا التي نحفظها أباً عن جد (كن مع أول الرجال لو بنتف اللحى)
- استغربت من رفض كاشير سوداني لخمسمائة ريال مددتها له ليأخذ قيمة ما اشتريته منه ويرد الباقي، إذ أخذ يقلِّب ناظريه فيها، رفعها أمام عين الشمس، مرَّر عليها ورقة بيضاء، حكَّها بيده، ثم وصل إلى خُلاصة مفادها أن هذه الورقة ذات الفئة الأعلى في عملتنا السعودية قد تكون مزوَّرة وطلب مني أن أبحث عن غيرها وإلا أرد ما أخذت، مما دفعني لأن أطلب منه الكتابة الخطية والتوقيع الرسمي على رفض هذه الورقة النقدية، وسرعان ما زال استغرابي حين تأملت في حال متاجرنا وسيطرة غير السعودي على أسواقنا وتحكّمه في بيعنا وشرائنا وربما معرفته في عملتنا المزوّر منها والصحيح أكثر منا.
- استغربت من وجود نساء في مقر الشرطة ومعهن صغار سن، وزال استغرابي حين تذكّرت أن كثيراً من الرجال تنازل عن قوامته الأسرية لزوجته التي تقوم بكل شيء حتى مراجعة الدوائر الحكومية وإخراج الولد أو السائق من التوقيف بكفالة نسائية، وبالفعل صارت مجتمعاتنا مؤهلة لدخول عصر العولمة بكل ثقة واقتدار!! وإلى لقاء والسلام.