لدينا طموح ونوايا طبية وأحلام لاحدود لها، وبالمقابل لدينا مشكلة متثاقلة أثناء التنفيذ. وزارة الصحة دائما تطلق خطط ومشاريع بحجم وطموح الوطن لكن بعضها غير مفعلة على أرض الواقع، وتاريخ وزارة الصحة يقول: إنه منذ (25) سنة لم يتم بناء أي مستشفى بحجم المدينة الطبية أو المستشفيات التخصصية، وفي السنة الأخيرة لوزير الصحة السابق د. حمد المانع أعلن عن البدء في إنشاء العديد من المستشفيات المركزية في مناطق ومحافظات المملكة وأعلن عن إستراتيجية الحزام الطبي لإنشاء مستشفيات تخصصية تغطي جميع مناطق المملكة (13) منطقة إدارية...وبعد أن غادر معالي د. حمد المانع كرسي الوزارة أعلن معالي وزير الصحة د. عبدالله الربيعة عن إستراتيجية جديدة إنشاء (5) مستشفيات مرجعية (مدن طبية) تغطي قطاعات المملكة (5) قطاعات: الشمالية والغربية والجنوبية والشرقية والوسطى لتكون مرجعيات على هيئة مدن طبية في تقسيم جغرافي للمناطق الحالية قطاع الشمالية : الجوف تبوك حائل الحدود الشمالية، قطاع الغربية: المدينة المنورة، ومكة المكرمة، قطاع الجنوبية: عسير، الباحة، جازان، نجران، وقطاع المنطقة الشرقية، وقطاع الوسطى: منطقتا الرياض والقصيم.. هذا الطموح يعتقد بعضهم أنه تطور عن الخطة السابقة الحزام الطبي أيا كانت هذه الخطة (الحزام الطبي) هل قدمت أو اعتمدت لكنه تطور لإيجاد مرجعيات ومدن طبية ضخمة جداً توزع المملكة إلى (5) قطاعات وبالتالي تلغي الحاجة إلى نقل المرضى من نجران أو تبوك أو عرعر أو القنفذة أو الخفجي إلى الرياض. هذا ما أعلن في خطط الوزارة لكن على أرض الواقع فإن وزارة الصحة أمامها (صراعين) هما: صراع المرض الذي لا يرحم وفيروساته العنيدة. وصراع الوقت لإنشاء تلك المدن الطبية في ظل التباطؤ في إنشاء المشاريع والضغط الشديد على المستشفيات القائمة..
لا أحد ضد الخطط والاستراتيجيات سواء تمت بنظام المناطق الإدارية، أو تمت بنظام توزيع القطاعات.
وأيضاً لافرق إن كان الحزام الطبي انطلق من فكرة ومشروع الاكتفاء الذاتي لكل منطقة من الخدمات العامة أي في كل منطقة: مطار، وجامعة، ومدينة صناعية، ومستشفى تخصصي، ومركز حضاري وثقافي، وأمانة منطقة (بلدية)، وإدارة عامة للتعليم موحدة... أم أن هناك اتجاها آخر يأخذ بالمرجعيات والمدن الطبية بدلاً من المستشفيات التخصصية. هذه الخطط تعني وتهم جهاز وزارة الصحة، أما المواطن فإن حاجته محددة يحتاج إلى مشفى وعيادة طبية تداوي أمراضه وتخفف من أوجاعه انطلاقا من أحقيته في الخدمة الطبية المميزة بصفته مواطنا ينتمي إلى دولة تتمتع بقيادة محبه لشعبها ترعاه وتسعى إلى إسعاده وبذل المليارات سنوياً على مشاريع الصحة العامة ليقدم الجهاز الصحي أفضل خدمة طبية. لا أن تدخل الوزارة نفسها في دوامة الإطالة في تنفيذ المشاريع وتكرار مراجعات الخطط و الإغراق في الفلسفات الإدارية التي لاتخدم الوضع الصحي في بلادنا.. فالوزارة تعلم أن التباطؤ في التنفيذ هي شعلة نار تحرق الساعة الذهبية التي يحتاجها المريض عندما يتأخر الجهاز الطبي في اكتشاف إصابة المريض أو لم يبادر الطبيب إلى علاجه فإن هذا المريض يصبح مريضاً نازفاً لخزينة الدولة وندب مشوّهه على وجه الوطن والقطاع الصحي.