Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/02/2010 G Issue 13652
السبت 29 صفر 1431   العدد  13652
 
صعوبة إلزام شركات الوساطة بمبادئ (سوق المال).. الناصري يجيب على أسئلة قراء الجزيرة:
جواز الجمع بين تعويض المتضررين من المخالفة والغرامات التي تدفع لبيت المال

 

سبق أن أعلنت هيئة السوق المالية عن إيقاع غرامة كبيرة على عدد من الأشخاص تتمثل في مصادرة ما حققوه من مكاسب بسبب المخالفة، ثم نشرت الهيئة بياناً صحفياً في الأسبوع الماضي بينت فيه أن هذه الغرامات مختلفة عن دعاوى المطالبات بالتعويض التي يمكن للمتضررين أن يقيموها على المتلاعبين. والسؤال هو: ألا يعد ذلك عقوبة متكررة على مخالفة واحدة؟ وهل يجوز ذلك قانوناً؟ وكيف تقام قضايا المطالبة بالتعويض المدني على المخالفين وهم قد أعادوا للهيئة كل ما كسبوه بسبب المخالفات؟ وهل من حقهم الدفع ضد دعاوى التعويض بأن كل ما ترتب على المخالفات من مكاسب جرت مصادرته؟

محمد العمر - بريدة

- أثار هذا الموضوع الكثير من الجدل خلال الأيام الماضية، مما يُبرر الإجابة عنه بشيء من التفصيل. تنص الفقرة (أ-4) من المادة (59) من نظام السوق المالية على أن العقوبات التي تُطبقها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية على المخالفين للنظام تشمل: (تعويض الأشخاص الذين لحقت بهم أضرار نتيجة للمخالفة المرتكبة، أو إلزام المخالف بدفع المكاسب التي حققها نتيجة هذه المخالفة إلى حساب الهيئة).

وهذا النص ينطوي على غموض في الصياغة، فهل المقصود بكلمة (أو) التخيير بين التعويض والمصادرة بحيث لا يمكن الجمع بينهما؟ أم أن المقصود ترك الأمر لاختيار اللجنة وتقديرها؟ يقضي التفسير السائد في هيئة السوق المالية أن التخيير الوارد في تلك الفقرة موجه للهيئة وأنه في الحالة التي تتوفر لديها أثناء إقامتها الدعوى معلومات كافية عن الأشخاص المتضررين من المخالفة فيُمكن اقتصارها على المطالبة بالحكم بتعويض المتضررين وعدم المطالبة بإلزام المخالف بدفع المكاسب التي حققها نتيجة المخالفة إلى حساب الهيئة، أي الأخذ بالشق الأول من ذلك النص.

أما إذا لم تكن المعلومات عن المتضررين متوفرة وقت المرافعة الجنائية فيجب المطالبة بمصادرة المكاسب، وذلك حتى لا يظفر المخالف بالغنيمة المترتبة على المخالفة بسبب عدم توفر معلومات كافية عن المتضررين منها. ولما كانت المخالفات التي أثارت هذا التساؤل هي الاحتيال والتضليل أثناء التداول، فمن الطبيعي أن لا تتوفر معلومات دقيقة عن الأشخاص المتضررين من المخالفة أثناء إقامة الدعوى، وذلك لأسباب عديدة من أهمها أن السوق السعودية تعمل وفق آلية التقاص الفوري مما يعني أن ملكية السهم ستنتقل بين عدد كبير من المستثمرين خلال الفترة التي جرى فيها التلاعب، كما أن مجرد شراء السهم أو بيعه أثناء هذه الفترة لا يعني بالضرورة وقوع المتداول ضحية للمتلاعب بل لابد من توافر عناصر أخرى تُقدرها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية في كل حالة على حدة.

وعلى سبيل المثال يُعد تكرار الشراء والبيع لذات السهم محل المخالفة خلال المدة السابقة للفترة التي وقع فيها التلاعب قرينة على عدم وجود علاقة بين التلاعب وبين الشراء أو البيع الذي ادعى المستثمر أنه كان نتيجة للتلاعب. وبالإضافة إلى الدعوى التي تُقيمها الهيئة ضد المتهم بناءً على المادة (59) على النحو السالف بيانه، يجوز للمتضرر من المخالفة إقامة الدعوى أمام اللجنة للمطالبة بالتعويض عن كل ما لحقه من ضرر بسبب المخالفة.

ولا يعني ذلك تكراراً للعقوبة على ذات الفعل المخالف, وإنما لأن المخالفة كانت مصدراً لنشوء حق عام تتولى الهيئة المطالبة به، وحق خاص يُطالب به الشخص المتضرر. ومن المستقر في القانون الجنائي عدم وجود ارتباط بين الحق العام والحق الخاص فيما يتعلق بالمخالفات النظامية. فالحق العام قد يكون غرامة محددة، أو مُصادرة نتائج المخالفة، أو غير ذلك. أما الحق الخاص فإنه يرتبط بتعويض الضرر المترتب على المخالفة، ويطالب به الشخص المتضرر. ولذا فإنه لا يحق للمخالف الدفع ضد دعاوى التعويض بأن كل ما ترتب على المخالفات من مكاسب جرت مصادرته.

وعلى سبيل المثال تنص المادة (64) من نظام السوق المالية على الآتي: (يجوز بالاتفاق بين الهيئة والمتهم في مخالفة المادة الخمسين من هذا النظام تلافي إقامة الدعوى أمام اللجنة، وذلك بأن يدفع للهيئة مبلغاً لا يتجاوز ثلاثة أضعاف الأرباح التي حققها أو ثلاثة أضعاف الخسائر التي تجنبها نتيجة لارتكابه المخالفة. ولا يخل ذلك بأي تعويضات تترتب على ارتكابه هذه المخالفة). فهذه المادة تنص صراحة على أنه يجوز الجمع بين التعويض المدني للمتضررين من المخالفة وبين الغرامة التي تدفع لبيت المال ممثلاً في هيئة السوق المالية والتي تعادل أضعاف ما حققه من مكاسب أو تلافاه من خسائر بسبب المخالفة.

تضمنت لائحة الأشخاص المرخص لهم الصادرة عن هيئة السوق المالية عدة مبادئ عامة يجب على شركات الوساطة الالتزام بها. فهل يحق لهيئة السوق المالية معاقبة الشركة بدعوى أنها لم تلتزم بهذه المبادئ العامة القابلة للفهم المختلف من شخص لآخر؟.

عبد العزيز محمود - الرياض

تضمنت المادة الخامسة من لائحة الأشخاص المرخص لهم أحد عشر مبدأً يجب على الأشخاص المرخص لهم الالتزام بها، من بينها النزاهة والمهارة والحرص وفعالية الإدارة والرقابة والتواصل مع العملاء وحماية أصولهم والتعاون مع الهيئات الرقابية والالتزام بمعايير سلوك ملائمة في السوق. ويُعد التشريع المبني على المبادئ من التطورات الحديثة والمثيرة للجدل أيضاً، والتي لم تكن مقبولة في القوانين واللوائح في الماضي.

ويرى مؤيدو هذا الأسلوب أنه يرسم مبادئ عامة يفترض للخاضعين للقانون أن يلتزموا بها ليس بالضرورة بدافع الحذر من العقوبة ولكن بالالتزام الذاتي. بينما يرى منتقدوه أنه وإن كان مقبولاً من قبل هيئات التنظيم الذاتي كالجمعيات المهنية أو الهيئات الدولية، إلا أنه غير مقبول كأساس للتنظيم الذي تُصدره الحكومة أو أذرعها التنظيمية لأنه يتنافى مع أحد أهم أركان القانون، وهي القدرة على الإلزام بتطبيقه.

وحول مدى إمكانية تطبيق عقوبات على شركة الوساطة بذريعة عدم الالتزام بأي من تلك المبادئ فإنني لا أرى إمكانية ذلك لتعذر أو صعوبة قياس درجة التقيد بتلك المبادئ ونسبية معانيها. وعلى سبيل المثال ما المقصود بالنزاهة؟ وما المقصود بالسلوك الملائم في السوق؟. كما أن مبدأ شرعية العقوبة يوجب أن تكون النصوص القانونية التي يخضع مخالفيها للعقوبة واضحة ومحددة، وأخيراً فإن المادة الخامسة المشار إليها ابتدأت بما يوحي أن مصدر الإلزام للتقيد بتلك المبادئ ليس القانون وإنما الضمير على وجه العموم، حيث ورد النص الآتي: تُشكل المبادئ المنصوص عليها في هذا الباب بياناً عاماً بالالتزامات الأساسية للأشخاص المرخص لهم بغرض وضع مفهوم عام لمعايير السلوك المطلوبة منهم بموجب اللائحة.

معاملة على قدم المساواة

هل يجوز للجهة التنظيمية التفريق في المعاملة بين الخاضعين لها؟ وهل يستطيع الشخص الذي كان ضحية لمثل هذا التفريق في المعاملة المطالبة بالتعويض؟

ناصر الدوسري - الدمام

- توجب الأنظمة على الجهات التنظيمية معاملة الخاضعين لها على قدم المساواة وتمنع تفريقها في المعاملة بين المتماثلين في الظروف. وتُعد مثل هذه الممارسات من أنواع إساءة استغلال السلطة التي يُرتب النظام عليها عقوبات جزائية شديدة. وتختص الجهات الرقابية مثل هيئة الرقابة والتحقيق بمتابعة هذه المخالفات والتحقيق فيها والادعاء على مرتكبيها أمام ديوان المظالم. وإذا استطاع شخص إثبات أنه كان ضحية لمثل هذا الممارسات فإن من حقه المطالبة بالتعويض عن كل ما لحقه من ضرر بسببها.

إبراهيم بن محمد الناصري
ibrahim @ alnaseri. com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد