قضايا الفساد المالي والإداري وحتى الجنسي إذا لم تعالج في وقتها ويقدم المسؤولون عنها ومرتكبوها للقضاء لاستعادة مصداقية المسؤولين والحكومة أو السلطة التي يتبعونها، فإنها حتماً ستكون معولاً للتدمير، تلك الحكومة أو السلطة.
طبعاً يمكن أن تكون التهم ملفقة، وحتى الأفلام التي تبث للمسؤولين وهم يمارسون أفعالاً جنسية شنيعة يمكن أيضاً أن تكون (مفبركة)، إلا أن التعامل بشفافية وبحزم وصدق مع مثل هذه القضايا والتحقيق مع كائن من كان هو الذي يبرئ الحكومة والسلطة أولاً، وليتحمل كل مسؤول مهما علا منصبه مسؤولية ما يرتكبه من أفعال.
ما بثته القناة العاشرة من التلفزيون الإسرائيلي ليست المرة الأولى التي تبث مثل هذه القضايا والمواضيع ليس فلسطينياً ولا عربياً، فهذه القضايا تثير شهية وسائل الإعلام وهي متابعة من قبل المشاهدين وهي ليست مقصورة على الفلسطينيين ولا على العرب ولا على الإسرائيليين والأوروبيين، فالفساد لا تخلو منه بقعة في العالم، وأفضل الدول والبقع من يظهر أو يكتشف فيها الفاسدون، ويتم التحقيق معهم بشفافية وبحزم ثم يقدمون للقضاء ليقول فيهم كلمته.
الإسرائيليون سبقوا مسؤولي السلطة الفلسطينية في ارتكاب العديد من قضايا الفساد، فلا يمر عام إلا ويقدم مسؤول إسرائيلي للقضاء لارتكابه جريمة أخلاقية، أو يتورط في قضية اختلاس مالي أو تزوير، أو استغلال منصبه لتحقيق مكاسب مالية له أو لأسرته.
رئيس الكيان الإسرائيلي (رئيس الجمهورية) موشي كساف طرد من منصبه؛ لأنه تحرش جنسياً بعدد من الفتيات العاملات في ديوان الرئاسة الإسرائيلية، رئيس الحكومة أولمرت أجبر على الاستقالة بعد ثبوت تورطه في عدد من قضايا الفساد المالي، وقبلها أقيل وزير الحرب الإسرائيلي لاغتصابه فتاة تعمل في مكتبه.
الإسرائيليون تعاملوا مع هذه القضايا، كقضايا شخصية دفع مرتكبوها الثمن وأبعدوا عن الحياة السياسية والوظيفة العامة بعد تحقيقات يشهد للإسرائيليين بأنها كانت نزيهة رغم أن المتهمين رئيس الدولة ورئيس الحكومة وأقوى وزير، وزير الحرب.. وبعد ثبوت ارتكاب الجرم دفع الثمن.
الآن عدد من المسؤولين الفلسطينيين متهمون بنفس ما يقولون إن الإسرائيليين يبتزونهم.. لا بأس افتحوا تحقيقاً نزيهاً وشفافاً وليدفع كل شخص الثمن الواجب عليه دفعه إن كان خائناً للأمانة أو فساداً أخلاقياً..
jaser@al-jazirah.com.sa