دبي :
كشف تقرير «نظرة على الإعلام العربي 2009 - 2013: تحفيز المحتوى المحلي»، الإصدار الثالث الأخير من التقرير الإعلامي الشامل حول الأوضاع الراهنة والمستقبلية لصناعة الإعلام، أن التطورات الحاصلة في عملية إنتاج المحتوى المحلي عبر مختلف المنصات الإعلامية يمكن أن تساعد على دفع عجلة النمو في قيمة المحتوى المحلي العربي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ويتوقع التقرير أن تشهد جميع قطاعات صناعة الإعلام نمواً واضحاً على مدى السنوات الخمس المقبلة. وخلافاً لمعظم الأسواق العالمية، يحتفظ قطاع الإعلام المطبوع في المنطقة بموقع راسخ، حيث واصل تحقيق معدلات نمو على صعيد عدد العناوين وحجم التوزيع خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من التباطؤ المتوقع في معدل نمو قطاع الإعلام المطبوع، فإنه لا يزال أكثر مرونة مما هو عليه في الأسواق الأخرى. وقد بدأ ظهور شبكة الإنترنت كمنصة صالحة لاستهلاك الأخبار بالتأثير على الصحف التقليدية في المنطقة، وباتت معظم المؤسسات الإعلامية تستخدم شبكة الإنترنت لتستكمل نسخ منشوراتها المطبوعة.
جاء ذلك خلال احتفالية خاصة تلتها ندوة نقاشية نظمها نادي دبي للصحافة في مقره اليوم في مدينة الإعلام، ألقت خلالها منى المري رئيسة النادي كلمة بهذه المناسبة تحدثت فيها حول قدرة النادي من توظيف شبكة علاقاته على امتداد الوطن العربي لتوسيع النطاق الجغرافي والمعلوماتي لتقريره السنوي الذي ضم نحو 125 مقابلة مع ممثلي المؤسسات الإعلامية في البلدان التي غطاها التقرير.
وأشارت المري إلى مراحل تطور التقرير من عينة شملت 6 دول عام 2007 إلى ضعفها في الإصدار الثاني لتشمل 12 دولة، إلى أن تمكن الإصدار الثالث اليوم من تقديم تحليل شامل للمشهد الإعلامي عبر مختلف المنصات الإعلامية وليقيم حالة قطاع الإعلام في 15 دولة عربية، بل يناقش كيفية إنتاج ونشر المحتوى في تلك البلدان».
ولفتت المري إلى تطلعات النادي لأن تشكل الرؤى والتحليلات والبيانات والتوقعات التي يتضمنها هذا التقرير أحد المصادر الموثوقة لأصحاب وإدارات المؤسسات الإعلامية، والخبراء، وصانعي السياسات، والصحفيين، والطلبة، وأفراد الجمهور بصورة عامة».
وتلا ذلك عرضاً تفصيلياً قدمته مريم بن فهد المديرة التنفيذية للنادي، سلطت فيه الضوء على أبرز المؤشرات التي أظهرتها الدراسة بخصوص نمو المحتوى المحلي في المنطقة، مشيرةً إلى اعتماده على التعاون من جانب الحكومات والشركات الإعلامية على حد سواء من أجل حل العديد من القضايا، بما في ذلك تطبيق نظم فعالة لقياس نسب المشاهدة والتوزيع، بالإضافة إلى مواصلة الجهود الرامية إلى محاربة القرصنة وتعزيز عمليات الدمج بين المؤسسات الإعلامية.
وأدارت بن فهد ندوة نقاشية تحدث فيها كل من علي الأحمد الرئيس التنفيذي لإستراتيجية مجموعة «اتصالات»، وعلي جابر عميد كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي، والدكتور عمار بكار مدير دائرة الإعلام الجديد في مجموعة MBC، ومحمد حارب مخرج ومؤلف مسلسل «فريج» الكرتوني، والإعلامية روان الضامن منتج أول في إدارة البرامج في قناة الجزيرة الفضائية.
ويغطي التقرير الذي أطلق من قبل نادي دبي للصحافة، خمس عشرة دولة عربية، من بينها ثلاث دول يشملها التقرير للمرة الأولى. ويقدم التقرير نظرة شاملة على المشهد الإعلامي في المنطقة بالمقارنة مع الأسواق العالمية، بالإضافة إلى تحليلات حول قطاع الإعلام في كل دولة على حدة، ونتائج بحث موسع للعوامل المتغيرة لاستهلاك المحتوى الإعلامي في أربعة أسواق رئيسية (مصر، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة)، وتقييم الفرص المتاحة لتحفيز صناعة المحتوى المحلي والاستفادة منها.
ويقيّم التقرير تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على صناعة الإعلام في المنطقة، ويرى أنه في قطاع الإعلان الإقليمي، وعلى الرغم من تراجع العائدات بنسبة 14% في عام 2009، لا يزال هناك شعور واسع بالتفاؤل حول المستقبل بين اللاعبين الأساسيين، حيث قال ما يقرب من 60% ممن استطلعت آراءهم يشعرون بالتفاؤل إزاء آفاق صناعة الإعلام في عام 2010. كما توقع التقرير أن تستعيد المنطقة مكانتها كواحدة من أسرع المناطق نمواً في العالم من حيث الإنفاق الإعلاني، والذي سينمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8 بالمائة بين عامي 2009 و 2013. كما يتوقع لقطاع الإعلان الإقليمي أن يتجاوز مستوياته ما قبل الأزمة في عام 2008 بحلول عام 2011، وذلك قبل عامين من تعافي قطاع الإعلان العالمي. وسينمو قطاع الإنترنت، على وجه الخصوص، بمعدل سنوي مركب عالٍ يبلغ 50% تقريباً خلال الفترة نفسها ليشكل ما يزيد على 4% من إجمالي سوق الإعلان بحلول عام 2013 .
ويظهر التقرير أنه في حين أن صناعة الإعلام في جميع الدول العربية يتوقّع لها أن تنمو، فإن بعض المناطق تمتاز بخصائص فريدة من نوعها في المنطقة. فقد شهدت دول شمال إفريقيا، على سبيل المثال المغرب وتونس، إطلاق عدد من القنوات الخاصة في السنوات الأخيرة، كما بدأت منصات جديدة، مثل محطات البث الرقمي الأرضي (DTT)، تكتسب زخماً أكبر. كذلك تشهد الأردن نمواً ملحوظاً كمركز إقليمي لشركات الإنترنت الناشئة، مع العديد من المبادرات الناجحة في عالم الإنترنت. وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، نشهد ارتفاعاً في تراخيص الصحف الجديدة، والاستثمارات في مجال الإنتاج التلفزيوني، كما بدأت القنوات التلفزيونية تستهدف وبشكل متزايد المحتوى المنتج في دول خليجية مجاورة لتوسيع نطاق الوصول إلى أعداد أكبر من الجمهور.
كما يتضمن الإصدار الأخير من التقرير أبحاث معمقة حول أنماط الاستهلاك الإعلامي في أربعة أسواق عربية رئيسية هي مصر، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. ووجدت الدراسة أن الإنترنت تلعب دوراً متزايد الأهمية بما يتعلق بأنماط وعادات الاستهلاك الإعلامي بالنسبة للأشخاص الذين جرت مقابلتهم في هذه الأسواق الأربع. وتبين أن متوسط الوقت الذي يقضيه الأفراد على الإنترنت يومياً يبلغ حوالي ثلاث ساعات وهو يساوي وقت مشاهدة التلفزيون. وعلى وجه الخصوص، تلعب الشبكات الاجتماعية دوراً هاماً، حيث اعتُبر استخدام الشبكات الاجتماعية من الأنشطة المفضلة على شبكة الإنترنت وأحد أهم أساليب التواصل. وأظهرت أبحاث السوق أن حوالي 70% من الأفراد في الأسواق الأربعة يستخدمون الشبكات الاجتماعية بشكل من الأشكال، وحوالي 15% يستخدمون مواقع الشبكات الاجتماعية مرة واحدة يومياً على الأقل.
ويقدم التقرير تقييماً معمقاً لصناعة المحتوى المحلي في العالم العربي، حيث يشير إلى أن تكلفة ساعة من المحتوى الأصلي على القنوات الأولى في المملكة المتحدة تساوي مرتين إلى أربع مرات متوسط تكلفة مسلسل عربي يبث على القنوات الخمس عشرة الأولى في المنطقة العربية. ويقترح التقرير أدوات لتحرير قيمة المحتوى المحلي في المنطقة من خلال مواجهة التحديات المتعلقة بتحقيق عائد مادي من المحتوى، والتمويل، والمواهب، والقوانين الحكومية، وتعزيز التكنولوجيا. وسيكون حل القضايا الرئيسية التي تمثلها هذه المجالات عاملاً حاسماً في تطوير محتوى محلي متميز ومستدام في المنطقة.