تلقت (الجزيرة) إيضاحاً من أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري.. حول ما نشره الزميل سعيد الدحية الزهراني تحت عنوان (آل إبراهيم: سيرة العطاء اللا محدود في مسيرة الوطن الشامخ).
ويأتي تعقيب الدارة إيضاحاً لمزيد من المعلومات عن دخول الملك عبدالعزيز - رحمه الله - حائل.. حيث جاء فيه:
اطلعت دارة الملك عبدالعزيز على المقالة التي أعدها مشكوراً الأستاذ سعيد الدحية الزهراني بعنوان: (آل إبراهيم سيرة العطاء اللا محدود في مسيرة الوطن الشامخ) والتي نشرتها الجريدة في صفحة الجزيرة الثقافية، العدد 13630، وتاريخ 7 صفر 1431هـ الموافق 22 يناير 2010م، وما ورد فيها من معلومات جيدة مثل دور عبدالعزيز بن إبراهيم - رحمه الله - في عدد من أحداث تاريخ المملكة، ونظراً لما لوحظ من الإشارة إلى دخول حائل وعدم ورود كثير من الأحداث المتعلقة به، فإن الدارة ترغب في إيضاحها للقراء باعتبارها إضافة لما أشير إليه في تلك المقالة، وذلك بناء على المصادر والمراجع والوثائق المتوافرة لديها.
فقد تم للملك عبدالعزيز - رحمه الله - ضم مدينة حائل عام 1340هـ ضمن جهوده المخلصة لتوحيد أجزاء المملكة العربية السعودية، لينشر في ربوعها الأمن والسلام والوحدة والرخاء، على أساس الدعوة السلفية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية.
وقد بذل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - جهوداً حثيثة ومخلصة لضم هذه المدينة كغيرها من المدن السعودية والتي تنوعت ما بين حملات عسكرية، تسبقها اتصالات ومشاورات مع العقلاء من أبنائها، وقد كان - رحمه الله - حريصاً كل الحرص على تجنب سفك الدماء، والدخول عنوة، وهو ما أشارت إليه الوثائق التاريخية والمراسلات التي كان من أبرزها رسائل الملك عبدالعزيز إلى والده الإمام عبدالرحمن الفيصل، وإلى أسرته من آل سعود، وإلى العلماء والأعيان.
وقد اتفقت المصادر التاريخية على أن هدف الملك عبدالعزيز - رحمه الله - من إطالة حصار حائل كان عدم سفك الدماء، وإفساح المجال لدخول جلالته المدينة سلماً، على رغم ما كان يملكه من إمكانات، كما أشارت تلك المصادر إلى أن أحداث تسليم المدينة جرت باتفاق جميع أعيانها على دخول الملك عبدالعزيز لحائل صلحاً.
فقد ذكر عبدالعزيز بن دحيم الدحيم - رحمه الله - في روايته التي سجلها المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالحرس الوطني في كتاب (ذكريات ورجال مع الملك عبدالعزيز) وهو من أهل حائل المعاصرين لتلك الأحداث، وقد عاصر أحداث التسليم، أن أهل حائل سلموا للملك عبدالعزيز، ولم يبق إلا محمد بن طلال - رحمه الله - وأشار ابن دحيم إلى أن عبدالعزيز بن إبراهيم نقل رسالة الملك عبدالعزيز إلى محمد بن طلال، وبعد موافقته على الاستسلام أرسل الملك عبدالعزيز الأمير عبدالعزيز بن مساعد - رحمه الله - ليتولى مسؤولية إنهاء الأمر مع محمد بن طلال ومرافقته إلى مخيم الملك عبدالعزيز، وأشار الدحيم أيضاً إلى أن سالم بن سعود العارضي - رحمه الله - قام بنقل بعض المكاتيب من خويا محمد بن طلال إلى الملك عبدالعزيز.
كما لخص تلك الأحداث أيضاً الأمير سعود بن هذلول - رحمه الله - في كتابه (ملوك آل سعود) بقوله: استمر حصار حائل بعد وقعة النيصية ثلاثة أشهر أرسل عبدالعزيز في أثنائها كتاباً إلى بعض رجالها يقول فيه: قد طال الحصار، وأقبل الشتاء، فلعيذرنا الأهالي إذا أنذرناهم، لهم مهلة ثلاثة أيام، إن سلموا وإلا فنحن مهاجمون لا محالة وجاء الجواب أن الأهالي مستعدون لتسليم المدينة متى جاءتنا سرية من جندك. وبعد مفاوضة مع أحد رجالاتها إبراهيم بن سالم السبهان - رحمه الله -، وبعض الرؤساء من الأعيان حددوا الموعد بتسليم المدينة، فاختار الملك عبدالعزيز ألفين من جنوده، وتوجهوا إلى المدينة يرأسهم الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي - رحمه الله -، ففتحت لهم أبواب المدينة، وسيطروا على جميع أبراج السور، والمراكز العسكرية خارج السور، وأمنوا الأهالي على أرواحهم وأموالهم بناء على توجيهات الملك عبدالعزيز. أما محمد بن طلال فقد تحصن في قصر برزان داخل البلد، فأرسل إليه الملك عبدالعزيز يؤمنه على حياته وجميع من معه إذا هو استسلم، فأجاب يطلب أحد أمراء البيت السعودي للاستسلام، فأرسل الملك عبدالعزيز الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي الذي دخل القصر واصطحب محمد بن طلال بن رشيد لمقابلة الملك عبدالعزيز.
وذكر الأمير عبدالعزيز بن مساعد في روايته أنهم حين اقتربوا من مخيم الملك عبدالعزيز خرج الملك عبدالعزيز لاستقبالهم، فقال محمد بن طلال للملك عبدالعزيز: يا طويل العمر أبشر لك بولد. فقال الملك عبدالعزيز: أبشر لك بأب. ثم تعانقا. ودخل الجميع سرادق الملك عبدالعزيز، وأديرت القهوة.
وذكر الأمير عبدالعزيز بن مساعد في روايته لمؤلف كتاب الأمير عبدالعزيز بن مساعد أنه لم يجد وجهاء حايل بداً من عرض تسليم المدينة إلى الملك عبدالعزيز وتأمينهم على أرواحهم وممتلكاتهم، وقد توجه إليه لهذه الغاية وفد منهم برئاسة: إبراهيم السالم السبهان، ويضم حمد الشويعر، وحمود الشغدلي، وعبدالعزيز العريفي، وخدام الفايز -رحمهم الله-، وأجاب الملك طلبهم.
وأضاف عبدالرحمن بن زيد السويداء في كتابه (منطقة حائل عبر التاريخ) عبدالعزيز بن حمود الزيد -رحمه الله- من ضمن الوفد المذكور.
وقد فصّل الأمير عبدالعزيز بن مساعد في أحداث التسليم، بقوله: طلب المفاوضون من أهل حايل من الملك عبدالعزيز ألفي جندي يتولون تمكينه من استلام حايل بمعرفتهم، فأرسل إليهم ما طلبوا إلى بستان لإبراهيم السالم السبهان يقال له (جبلة) قرب حايل، وأخذ إبراهيم السالم يرسل رجاله إلى من بالمرابيع من جنود، ويستدعيهم إليه في بستانه، وكلما غادروا مربعة (برجا) سلمها لجنود الملك واحدة بعد أخرى حتى تم تسليم المرابيع الأربع. وفي رسالة من الملك عبدالعزيز إلى والده الإمام عبدالرحمن الفيصل -رحمه الله- في 3 محرم 1340هـ قال: (لما ان حنا استولينا على جميع المناطق الذي حول حايل لفوا علينا أهل حائل وطلبوا منا العفو وعفينا عنهم وظهروا علينا وبايعونا على جميع مطلوبنا وجميع الأسلحة والاطواب والمكاين وآلة الحرب). وقال أيضاً: (الحمد لله الذي حقن الدماء وأصلح شأن الرعية فلما رأينا ما منَّ الله به على المسلمين أحببنا بشارتكم بذلك مع خادمكم سبعان). وقد قدر الملك عبدالعزيز لإبراهيم السبهان موقفه فنصبه أميراً على حائل ثم كلف الملك عبدالعزيز الأمير عبدالعزيز بن مساعد بأمارتها في أواخر عام 1340هـ.
ولأن من سمات الملك عبدالعزيز العفو واعتبار الجميع من أبنائه وأسرته فقد اعتنى -رحمه الله- بأسرة آل رشيد عناية خاصة، وكان -رحمه الله- يساوي بين أفراد أسرة آل رشيد وأسرته بل كان يقدمهم على أبنائه في حالات كثيرة، لذا فإن أسرة آل رشيد حظيت بعناية خاصة من لدن الملك عبدالعزيز وأبنائه إلى يومنا هذا من منطلق الشمائل والخصائص التي تختص بها الأسرة المالكة واستمراراً في نهج الملك عبدالعزيز مع أبناء شعبه. ولا شك أن من الرجال الذين كان لهم مشاركة مع الملك عبدالعزيز في هذه الأحداث وغيرها عبدالعزيز بن إبراهيم الذي كان في حائل آنذاك وملازماً لمحمد بن طلال بن رشيد وتولى نقل الرسائل بين الملك عبدالعزيز ومحمد بن طلال. وبعد دخول حائل عيَّنه الملك عبدالعزيز أميراً على عسير سنة 1341هـ ثم أميراً على الطائف سنة 1343هـ، وأميراً على المدينة المنورة سنة 1346هـ ثم عضواً في مجلس الوكلاء إلى وفاته -رحمه الله- سنة 1365هـ. ولا شك أن هؤلاء الرجال وغيرهم من رجالات الملك عبدالعزيز كان لهم إسهامهم الواضح ومواقفهم الكبيرة في ظل توجيهات الملك عبدالعزيز وسياسته القائمة على العدل وتحقيق المصالح لبلاده وشعبه في إطار المبادئ الإسلامية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية.