الدمام - سلمان الشثري :
كشف الدكتور إبراهيم الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار عن قرية أثرية تم اكتشافها في حاضرة الدمام تعود لفترة صدر الإسلام. كان ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده د. الغبان يوم أمس الاثنين أوضح فيه أن القرية الأثرية تتكون من مجموعة منازل يقدر عددها حتى الآن بـ»20» منزلا، وتحوي غرفا ووحدات سكنية قائمة عثر فيها على قطع من الفخار والخزف والزجاج والحجر الصابوني والقطع المعدنية التي يمكن إرجاعها إلى القرنين الأول والثاني.
وأشار إلى أن هذه الحفرية تعد أحد مشاريع التنقيب الأثري التي تقوم بها الهيئة في عدد من المناطق في المملكة بمتابعة واهتمام من سمو رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان، مشيرا إلى أن أعمال التنقيب في هذا الموقع بدأت قبل حوالي شهرين من خلال فريق سعودي مؤهل من مكتب الآثار بالمنطقة الشرقية بإشراف ومتابعة من قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة.
ونوه الدكتور الغبان إلى أنه قد تم اكتشاف الموقع لأول مرة قبل نحو ثلاثين عاما كان ذلك في عام 1397هـ خلال أعمال المسح التي نفذتها وكالة الآثار والمتاحف وأخذ رقم 208-105 ودخل الموقع ضمن أملاك شركة أرامكو منذ سنوات عدة، نافيا بذلك ما أشيع بأن الموقع تم اكتشافه من قبل مواطنين.
وبين أنه في إطار اتفاقية بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركة أرامكو قامت الشركة بتمويل عملية الحفر بالموقع لكون الموقع يقع في منطقة تمتلكها الشركة.
وفي جولة الدكتور الغبان بالصحفيين في موقع القرية الأثرية التي تقع في شمال الراكة حاضرة الدمام في المنطقة ما بين مدينتي الخبر والدمام، شمال الخط السريع وجنوب مصنع سافكو للأسمدة سابقا، وتبعد عن ساحل الخليج مسافة كيلو متر واحد تقريبا، ذكر أن الموقع يمثل فترة سكنى واستيطان واحدة تعود لفترة صدر الإسلام والعصر الأموي وربما بداية العصر العباسي وذلك من خلال قراءة قطع الفخار والخزف والزجاج والحجر الصابوني والقطع المعدنية التي يمكن إرجاعها للقرنين الأول والثاني الهجري، كما أمكن أيضا تمييز مرحلتين معماريتين بالموقع مرحلة أولى تعود إلى بداية سكنى الموقع يمكن تأريخها بفترة القرن الأول الهجري، ومرحلة ثانية أدخلت فيها تعديلات على التصميم الأصلي للوحدات السكنية وتعديلات في المدخل وأضافات لبعض المرافق ورفع لمستوى الأرضيات القديمة، وأضاف يمكن نسبة هذه المرحلة إلى نهاية القرن الأول وفترة القرن الثاني الهجري. وجدير بالذكر أنه تم التقاط عدد من نوى التمر وكمية من حبات التمر بعضها مكتمل أخذت منها عينة للتحليل بالكربون 14، كما عثر بالموقع على كميات كبيرة من القواقع والمحار وعظام الأسماك التي يبدو أن سكان الموقع كانوا يعتمدون عليها بالإضافة إلى التمر في غذائهم.
وأبان الغبان أن عملية الحفر أسفرت حتى الآن عن اكتشاف قرية تتكون من مجموع منازل يقدر عددها حتى الآن بعشرين منزلاً موزعة على ثلاث مجموعات متباعدة بعضها مترابط وبعضها منفصل، موضحاً أن كل منزل يتكون من مبنى أبعاده (16 في 12 مترا) في المتوسط ويحتوي على ثلاث أو أربع غرف مختلفة الأحجام، وفناء خارجي بمدخل مستقل، واستخدمت إحدى هذه الغرف وأحيانا اثنتان منها لتخزين التمر واستخراج الدبس (عسل التمر)، ويستدل من أسلوب بنائهما أنهما استخدمتا لهذا الغرض مقارنة بما ظهر بحفرية ميناء العقير، وهو أسلوب مستمر إلى القرون المتأخرة في المنطقة، وتشتمل المدبسة على أرضية مكونة من قنوات مجصصة تتجه بانحدار، وتصب في مخزن صغير أسفل أرضية المجصصة (جابية أو مجبى)، وأبقي حوالي ثلث أرضية الغرفة كمنطقة حركة داخل المخزن وللغرفة مدخل صغير له عتبة خارجية مليسة بالجص، وجدران الغرفة مكسوة بلياسة جصية.
أما بقية الغرف فكانت تستخدم للمعيشة وبالإضافة إلى هذه الغرف يشتمل المنزل على فناء خارجي يحتوي على عدد من الأفران بنظام التنور ومن خلال وجود طبقة رماد في الفناء وأدلة أخرى يمكن الاستدلال منها على وجود سقف من الخشب كان يظلل مكان الأفران.
ويمكن تمييز ثلاث تلال أثرية رئيسة بموقع الحفرية الأول يقع في الجهة الشمالية وقد أعطي اسم (أ) والثاني متوسط وحمل مسمى منطقة (ب) والثالث في الجهة الجنوبية وقد سمي منطقة (ج)، وتنتشر على سطح الموقع وبخاصة في منطقة التلال الأثرية كسر من الفخار والخزف والزجاج يمكن نسبة تاريخها إلى الفترة الإسلامية المبكرة بحسب الدكتور الغبان، كما ترى امتدادات الجدران مبنية بالحجر في كل الاتجاهات.