قبل انتهاء عقد شبكة ART مع الاتحاد السعودي كتبت في 21-6-2008 وتحت عنوان «استثمار نقل المسابقات الرياضية» عن أهمية التنافسية التي يمكن من خلالها ضمان تحقيق العائد الأضخم على استثمار نقل الدوري، إضافة إلى الارتقاء بثقافة المجتمع ودعم الرياضة المحلية؛ وأن فترة الاحتكار (الأولى) كان لها أثر سلبي على المجتمع بشكل عام والنشء على وجه الخصوص.
الزملاء في القسم الرياضي كتبوا بإسهاب عن عيوب عقد الاحتكار، وتدني قيمته، والأضرار الواقعة على الأندية الرياضية والمجتمع الرياضي بشكل عام.
بعض مقالات الأخوة الزملاء في القسم الرياضي كانت أشبه ما تكون بأوراق عمل جمعت بيت الأفكار الرياضية، الاستثمارية، التنموية، الاجتماعية، والإستراتيجية. قيمة العقد المتدنية، خسارة الأندية لجزء مهم من مواردها، ارتفاع تكلفة الاشتراك، بدائية النقل، برمجة المباريات المنقولة، وافتعال الأزمات الرياضية كانت من أكثر السلبيات التي حرص المجتمع الرياضي على تفاديها عند تجديد العقد.
الاتحاد السعودي مدد عقد نقل الدوري لموسمين إضافيين دون الدخول، على الرغم من سلبيات العقد الأول، وتهافت المحطات الرياضية على الظفر بحقوق النقل. بعد أن ضمنت شبكة ART تمديد العقد بمزاياه الحاتمية نجحت في بيعه ضمن صفقة شاملة إلى قناة الجزيرة الرياضية بمبلغ ضخم لم يعلن عنه.
يبدو أن صفقة نقل الدوري السعودي مُعرضة للمراجعة مع نهاية موسمها الأول، على ذمة صحيفة «الوئام» الإلكترونية التي تحدثت عن عزم الاتحاد السعودي «سحب الدوري من قناة (آي آر تي) وقناة الجزيرة الرياضية، وطرح النقل التلفزيوني لدوري زين للمحترفين أمام القنوات الفضائية في شهر يونيو المقبل».
بيع عقد الدوري ل(الجزيرة) الرياضية ما زال غامضاً، في زمن تُفرض فيه الشفافية، ولا تُستجدى، وهو لا يخلو من الثغرات القانونية التي ربما أوجدت أكثر من سبب لإلغائه قانونياً.
الصحيفة ذكرت في خبرها إلى أن ترسية العقد الجديد ستكون فيه «الأولوية للقنوات السعودية أو القنوات التي يملكها رجال أعمال سعوديين».
الشرط الأخير ربما أعاد المجتمع الرياضي إلى المربع الأول. شرط المستثمر السعودي هو ما تسبب في ضياع حقوق الأندية السعودية، وأضر بمصالح المجتمع الرياضي بأسره.
تُفضل الأندية الرياضية الحصول على حقوقها كاملة من مستثمر غير سعودي على أن تُسلب حقوقها المشروعة تحت ذريعة دعم المستثمر الوطني الذي لن يتوانى في استغلال العقد لمصلحته، والالتفاف على الإرادة الوطنية!.
أما المجتمع الرياضي فيبحث عن الناقل المحترف القادر على إعطاء الدوري السعودي زخماً، وإثارة من خلال النقل الاحترافي العالمي، ويبحث عمّن يقدم العوائد المالية الضخمة التي تسهم في بناء الملاعب، ومقار الاتحادات، والهيئات الرياضية لتكون واجهة حضارية للرياضة السعودية.
طرح مناقصة نقل دوري المحترفين على جميع المحطات الفضائية دون استثناء، مع وضع الشروط الضامنة لحسن الأداء، والنقل، هو الأجدى والأنفع للجميع، ومن خلاله يمكن الحصول على القيمة العادلة للدوري، والارتقاء بمستوى النقل التلفزيوني، وتحقيق مبدأ المنافسة العادلة للجميع.
لا يمكن أن يشذ القطاع الرياضي عن قطاعات الاقتصاد الأخرى، فهيئة الاستثمار تسعى جاهدة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتشجيعها من خلال الإعفاءات والامتيازات وتهيئة البنية التحتية الجاذبة؛ والقطاع الرياضي يمكن أن يكون أحد أهم القطاعات الاستثمارية التي يفترض أن ينطبق عليها ما ينطبق على القطاعات الاقتصادية الاستثمارية الأخرى. إضافة إلى ذلك فملف الاستثمار الرياضي يُفترض أن يُعهد به إلى هيئة استثمارية مستقلة، ومتخصصة تضم في عضويتها ممثلين عن وزارتي المالية والتجارة، الاتحاد السعودي، الأندية الرياضية المحترفة، وخبراء في الاستثمار العام والاستثمار الرياضي.
«هيئة الاستثمار الرياضي» يُفترض أن تحقق الكفاءة، العدالة، الشفافية، وأن تضمن حقوق الأندية على أكمل وجه، وأن تسهم في تحقيق دخل ذاتي للاتحاد، وزيادة موارد الأندية، وأن تسهم في إعادة تأهيل وبناء المنشآت الرياضية كالملاعب، ومراكز التدريب والعلاج، ومقار الهيئات الرياضية، وفي مقدمها مقر هيئة دوري المحترفين، الذي يتقاسم بعض أعضائها، مكاتب شركة تجارية في مبنى تجاري عام!.
الأندية السعودية مقبلة على مرحلة الخصخصة، والتحول إلى كيانات تجارية مستقلة مالياً، تطرح أسهمها في البورصة المحلية، ما يفرض وجود بيوت خبرة، وشركات عالمية متخصصة في الخصخصة، والاستثمار الرياضي قادرة على إدارة مرحلة الخصخصة والاستثمار بكفاءة عالمية تضمن النتائج، بإذن الله.
* * *
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM