الجزيرة - منيرة المشخص
أكد محللون وقانونيون أن تغلغل المصالح الخاصة وتداخل أدوار أعضاء مجالس الشركات أبرز معوقات تطبيق الحوكمة، ودعوا وزارة التجارة إلى إطلاق ميثاق شرف يهدف إلى تقييد الشركات بلائحة الحوكمة دون أن يأخذ ذلك طابع الإلزام القانوني، وقالوا إنه لا توجد عوائق قانونية تحول دون ذلك طالما أصبح التقيد بمعايير الحوكمة ضمن شروط الإدراج. وسبقت هذه المطالبة ندوة تنظمها هئية سوق المال اليوم بالرياض حول حوكمة الشركات، يطرح عبرها خبراء من البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي ومجلس التجارة السويدي أبرز الأُطر التشريعية للحوكمة. وقال المستشار القانوني السابق لهيئة سوق المال إبراهيم الناصري: «بالرغم من التحسُّن الكبير الذي حدث خلال السنوات القليلة الماضية على صعيد الحوكمة لا يزال مستوى التزام الشركات السعودية ضعيفاً مقارنة بدول المجلس، ولا يزال أمامنا طريق طويل سواء في مجال اعتماد القواعد واللوائح ومدونات السلوك أو في تطبيقها على أرض الواقع». وأضاف: «كانت المشكلة في الماضي تتعلق بتوافر الأحكام الموضوعية والمعايير والمعلومات. والآن حُلَّت هذه المشكلة جزئياً بصدور لائحة الحوكمة؛ حيث لا يوجد أي عوائق قانونية تحول دون التقيد بها طالما أصبحت ضمن شروط الإدراج، والكثير من الدول تلجأ إلى التطبيق الإلزامي». وتابع: «ولكن بالنظر إلى أن الحوكمة، التي تعني الحد من نفوذ الطرف القوي لمصلحة الطرف الضعيف، فإن من أهم عوائق تطبيقها مقاومة الأقوياء لها، وهذا العائق لا يُعالجه عقد المنتديات أو المؤتمرات».
من جانبه عزا المحلل عبدالحميد العمري عدم تطبيق الحوكمة إلى غياب الإحصاءات التي تكشف عن حجم التطبيق الفعلي للحوكمة؛ فالكثير من المجالات تفتقر إلى أوعية معلومات وإحصاءات منتظمة ومستمرة الصدور، وهذه معضلة عامّة تعاني الجهات الرقابية والمختصون من ثغراتها. ورصد العمري أسباباً عدة، قال إنها تمثّل العائق الحقيقي لتطبيق الحوكمة؛ حيث جاء في مقدمتها تغلغل المصالح الخاصة في هذا الشأن، سواءً في صورة القرابة العائلية أو في صورة تعدد تمثيل أحد أعضاء مجلس الإدارة في أكثر من مجلس ما بين رئيس وعضو، إضافة إلى متانة بعض العلاقات التجارية الخاصة بين أعضاء المجالس المختلفة، التي ظلّت في بعض الأحيان أصلب من الأنظمة والقوانين. ومن المعوقات أيضاً - بحسب العمري - حداثة تجربة تطبيق الحوكمة بالنسبة إلى أطراف ذات العلاقة بدءاً بالجهات التشريعية والرقابية وانتهاء بمجالس إدارات الشركات المساهمة. واعتبر العمري أن وسائل الإعلام المحلي والمجتمع الاستثماري لم يصلا بعد إلى مستوى درجة الوعي المالي والقانوني الذي من شأنه أن يُشكِّل أداة ضغط على بقية الأطراف (التشريعية والرقابية والتنفيذية) لمزيد من الالتزام بمعايير الحوكمة.
وقال العمري: «من المؤسف أن كثيراً من الأنظمة المهمّة جداً، ومنها (لائحة الحوكمة)، اعتدنا ألا نتحرك تجاهها بجدية أكبر إلا بعد وقوع كارثة مالية». محذراً من حدوثها بسبب التلكؤ في الالتزام بتطبيق الحوكمة.
وكان قانونيون قد أكدوا لـ(الجزيرة) في حديث سابق أن نظام الشركات الجديد إذا تم إصداره سيسقط لائحة الحوكمة.
يُذكر أن مجلس هيئة سوق المال قد أصدر اللوائح التنفيذية مكونة من إحدى عشرة لائحة، من بينها لائحة حكومة الشركات بموجب القرار رقم 1- 212-2006 وتاريخ 21-10-1427 هـ, الموافق 12-11-2006م بناء على نظام السوق المالية رقم م-30 وتاريخ 2-6-1424هـ, المعدلة بقرار مجلس هيئة السوق المالية رقم: 1-1-2009 وتاريخ 8-1-1430 هـ، الموافق: 5-1-2009م.