Al Jazirah NewsPaper Monday  08/02/2010 G Issue 13647
الأثنين 24 صفر 1431   العدد  13647
 
شيء من حتى
الرياضيون المُفترى عليهم
عبد العزيز الوطبان

 

جرت عادة المجتمعات المحافظة أن تتوجس من كل جديد، وأن تسيطر فكرة (المؤامرة) على جُلِّ أهلها عامة كانوا أم خاصة, فيتصدى جماعة نذرت نفسها لأن تكون (صمّامَ) أمان المجتمعات في التصدي لكل (جديد) وتشويهه وربطه (باعتبار ما سيكون) على سبيل الجزم والتأكيد، فيصبح رفض هذا الجديد في بدايته سلوكًا عامًا لا يمكن حتى مناقشته لكونه في نظرهم أصبح من الثوابت الواجب عدم المساس بها، وتصبح الفئة الرافضة لذلك الفكر، والمرحبة بذلك التغيير فئة منبوذة، وقد يصل الأمر إلى التحذير منها ومن فكرها، والشواهد أكثر من أن تحصى، ولكن ما يهمنا هنا هو الجانب الرياضي، وخاصة ما يتعلق بكرة القدم والأندية، فإلى وقت قريب نسمع ونقرأ الفتاوى التي تحذر من الانخراط في هذا المجتمع لما فيه من مضيعة للوقت، وهدر للأموال، وإفساد للعقول، ولن نستغرب مثل تلك الفتاوى، عندما تخرج من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، ولكن مكمن الاستغراب ممن رضي وسلّم بهكذا فتاوى قسّمت المجتمعات، وعزلت فئة عن فئة، وجنت على الفكر الوطني الداعي إلى التعاون والتكافل والمساواة والتنافس الشريف، ولعل من الأقوال الجميلة في هذا الباب ما يُنسب لا بن سيناء في أن الرياضة (تعلم الإنسان طهارة النفس والمثابرة وتحمل المسؤوليات والثقة والمحبة والتعاون بين الأفراد ونشر الطمأنينة) بعكس تلك الفتاوى والآراء التي تعلم عكس ما قاله ابن سيناء، حتى أن بعضهم قد ربط (السّمْت) بعدم الخوض بمثل هذه الأمور، وعدّها بعضهم من (خوارم) المروءة، فوصل الحد ببعضهم أن يتجنب الحديث عن الأندية وهمومها ومسابقاتنا في المجالس العامة لئلا يرمى بتهمة قد (تُقلل) من شأنه، وأرى أن أطرافًا كثيرة تتحمل وزر ترك المجال (للصمّامين) فالمعلم في فصله، والداعية في محاضراته، يجب أن يتحدث عن الرياضة وعن كرة القدم، وأن يعالج المشاكل الناجمة عنها، ويوجه الشباب في البعد عن التعصب، والذي أرى أن من أسبابه هو نبذ الرياضيين من المجتمع فتشكلت ردة فعل عن ذلك النبذ لتظهر بصور عديدة منها التعصب، ومن أطرف ماقرأت خلال الأسبوع الماضي أن معلمًا قد وضع سؤالًا في مادة (النحو) عن منجز رياضي وطني، فتناقلت بعض وسائل الإعلام هذا الخبر بشيء من الازدراء والتشويه، وكانت حجتهم أن ذلك السؤال يُذكي التعصب، ولا أجد التعصب إلا في حديثهم، فكل مُنجز وطني يجب أن نفخر به، كيف لا، وقياداتنا تستقبل الأندية بعد كل منجز وتكافئهم وتشجعهم وتحثهم على مواصلة التميّز، فإلى متى وتلك العقول البالية والأفكار الهدّامة تصول وتجول في مياديننا الإعلامية والتربوية؟!

(إن خير من استأجرت القوي الأمين):

كانت هذه الآية الكريمة هي البوابة التي أطلّ منها رئيس نادي الهلال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن مساعد على الوسط الرياضي، ولا شك أن دعامتي كل عمل هما الأمانة والقوة، ولا يستقيم أي عمل إلا بهما., لذلك كانت تلك الآية الكريمة هي المتكأ والركن الشديد الذي اختاره رئيس الهلال ليُسيّر الإمبراطورية الهلالية على بصيرة وهدى، وهاهو الهلال يحصد ثمار تلك النظرة، وذلك الفكر الذي يتمتع به رئيس نادي الهلال، والذي أجزم في حال أن قدّر الله عز وجل أن يستمر في الوسط الرياضي أكثر من ذلك ؛ فإنه سيسهم بإذن الله في تغيير خارطة التفكير القيادي الرياضي المعتمد على طريقة التفكير العاطفي أو (الهوائي) والذي يرى الأمور ويتخذ القرارات وفقا لما يفضله أو يرتاح إليه أو يرغبه أو يألفه دون نهج بيّن أو خطط واضحة، وهذا النمط من التفكير سواء كان على مستوى المؤسسات أو الأفراد هو سبب كل فشل وجمود، وما قدمه الهلال هذا العام ممثلًا برئيسه الذي استطاع أن يتخلص من ذلك (المألوف) بأن أوكل مهمة الفريق فنيا وإداريا للمدير الفني الهلالي السيد جريتس، والصبر عليه ثم ظهور الفريق بهذه الانضباطية الفنية الرائعة ناهيك عن التعامل المثالي والاحترافي مع الأحداث السلبية، قد تجعل هذه التجربة مثالًا يُحتذى بها من قبل أنديتنا، فمخرجات التجربة الهلالية تشجع على استعارتها وبما يتناسب مع قدرات كل نادٍ، مع الأخذ بعين الاعتبار الاعتماد على طريقة التفكير العلمي البعيد عن الأهواء والعادات والتي يتم بموجبها حل المشكلات أو اتخاذ القرارات بطريقة علمية من خلال التفكير المنظم المنهجي كما هو الهلال.

التعاون في الطريق الصحيح:

شاهدت التقرير الخاص بفريق التعاون بعد فوزه الأخير على فريق الخليج في البرنامج (اليتيم) عن دوري الدرجة الأولى في القناة الرياضية السعودية، وقد شدني حديث أعضاء ورئيس المكتب التنفيذي لفريق التعاون، فقد كنت أسمع عما يقدمه هؤلاء الرجال لفريقهم، حتى وصل الأمر أن تمنى العديد من جماهير الأندية الأخرى ولاعبوها أمثال هؤلاء الرجال، وبعد مشاهدتي لذلك التقرير أيقنت أن التعاون يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق حلمه وحلم جماهيره العريضة بوجود هؤلاء الرجال، فحديثهم ينم عن حب وإخلاص كبيرين لهذا الفريق، وأفصح هؤلاء الرجال عن فكر رائع وعمل جماعي ذابت فيه وتلاشت المصلحة الخاصة في سبيل مصلحة الفريق والمنطقة، فأقولها وكلي ثقة أنه لا خوف على فريق التعاون برعاية رجالاته وعلى الجماهير أن تدرك أن هذا العمل الجبار ليس لهذا العام وحسب، بل هو لقادم السنين، فكأني برجالات التعاون أرادوا أن يؤسسوا فكرا وطريقة عمل سيجني الفريق ثمارها ليس بالصعود فقط، بل بتأسيس تاريخ جديد لهذا الفريق ليصبح فريقًا ذا شأن ومكانة..

آخر حتى:

الأمل نافذة تُطل منها إلى الحياة...




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد