ليس خافياً على أي حصيف أن اليهود لم يختاروا احتلال القدس عبثاً، إنما لهم أهدافهم الدينية التي يجاهرون بها وينافحون عنها ويسعون بكل السبل لتحقيقها، فهم يطلقون على فلسطين المحتلة أرض الميعاد، ويحلمون ببناء دولتهم الصهيونية ومقدساتهم اليهودية، على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.....
.....وها هم يحولون أحلامهم إلى واقع أليم للعرب والمسلمين المتمزقين المتغافلين عما يحاك ضدهم سراً وجهراً وكأن الأمر لا يعنيهم، فسلسلة الاعتداءات على الأقصى تتوالى توالياً متسارعاً بشتى الوسائل، حتى وصل الأمر إلى الدعوة الصهيونية الصريحة المستهجنة لهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم الذي نسبوه ادّعاء لنبي الله سليمان، مثلما نسبوا دولتهم المغتصبة لنبي كريم آخر وهو إسرائيل، عليهما السلام، بينما هم بعيدون في ذلك عن الحق كل البعد.
والآن بات الاعتداء على ثالث الحرمين جهاراً نهاراً، فاليهود لا يهدرون الوقت بل هم يخططون ويتربصون، بعد أن انتزعت كل رهبة من قلوبهم إثر اعتدائهم الأخير الغاشم على غزة، والذي حولوا فيه الأرض إلى خراب يباب، وأبادوا فيه الأطفال الأبرياء وكأنما هم يبيدون حشرات ضارة، حتى أصبحت جثث الأطفال على أرفف الثلاجات وكأنها عرائس على أرفف للبيع المجاني دون ثمن.
لهذا السبب فقد بات اليهود متأكدون من أن العرب والمسلمين لن يحركهم أي خطر عليهم حتى ولو كان داهماً، لذا فقد سارعوا بإتمام مهمتهم الأساسية التي وضعوها نصب أعينهم منذ بداية اغتصابهم الأرض والعرض، وهي هدم أولى قبلتي المسلمين، مع أن لجان القدس وأهلها وعلمائها يستغيثون صباح مساء بالمسلمين حكومات وشعوباً ولكن الصرخة تعود صدى.
فقد قدمت لجنة القدس تحذيراً مدعماً بالأدلة بأن عام 2010م سيشهد أعمال حفر مستمرة مستفزة ظاهرة للعيان، حتى بلغت الحفريات السابقة واللاحقة أكثر من مائتي نفق، إضافة للانهيارات الأرضية المتتالية نتيجة لهدم أكثر من سبعة آلاف منزل فلسطيني محيطة به، كل ذلك يوحي بوضوح بأنه عام كارثة الأقصى إن لم يتدارك مسؤولو العرب والمسلمين هذا الخطب الجلل.
وفي تقرير تفصيلي جديد لوزارة الخارجية الأردنية، وهي الجارة الملاصقة للدولة الفلسطينية، قدمته لوزراء الخارجية العرب، تقول فيه: بأن هدم الأقصى سيقع لا محالة إذا استمر الوضع على ما هو عليه حيث الحفريات الإسرائيلية المستمرة المحيطة بجميع جوانبه، والتي أدت إلى تشقق الجدار الشرقي والجدار الجنوبي للمسجد المبارك.
ومن باب شهد شاهد من أهلها: أكدت صحيفة هآرتس العبرية، بأن عام 2010م هو عام هدم الأقصى وإقامة الهيكل مكانه، بناء على نبوءة أحد حاخامات اليهود، وتؤيده الأحداث الواقعية، كما أصبحت الكنائس اليهودية تحيط به من كل جانب، مستمرأة الاغتصاب الإسرائيلي لموقع رمز من أعظم الرموز الإسلامية المميزة لتلك المدينة التاريخية العريقة.
والسؤال المحير هو: متى سيتحرك من في أيديهم الحزم والعزم، قبل فوات الأوان؟ فتدارك الخطر قبل تمام وقوعه هو مسؤولية جميع المسلمين لاسيما أصحاب القرار السياسي، فالخطر يداهم ثالث الحرمين الشريفين ويعلن سرعة سقوطه ونحن أحياء نرزق وقد كنا نتمنى الصلاة فيه، فتلك مسؤولية جسيمة نحملها فوق أكتافنا وأمانة عظيمة تطوق أعناقنا، وكل شيء في هذه الدنيا سينتهي لا محالة ولا يبقى لنا إلا رضا الله عنا.
g.al.alshaikh12@gmail.com