رئيس اللجنة الوطنية للمحامين الدكتور ماجد قاروب أدلى قبل فترة - وبشيء من اليأس والألم - بحديث إعلامي عن مهنة المحاماة والمرافعات والإدعاء ورفع الشكاوي، وما يعتورها من ظلم وحيف وتجاوز على فضائل هذه المهنة ونبلها، فقد توقف عند نقطة خطيرة ذكرها بالأرقام، حينما أشار إلى أن أكثر من خمسة آلاف شخص ينتحلون صفة المحامي لدينا.فالدكتور قاروب يؤكد حقيقة أن هنا من بات يتفنن في صفة الإدعاء والكذب والتحايل على المجتمع وعلى الأنظمة بأي وسيلة، وبأي ذريعة يمكن أن توصله إلى الكسب المادي فقط، ففي حديثه وهو المهتم بشأن المحاماة والمرافعات الكثير من الإشارات والدلالات عن واقع هذه المهنة الإنسانية التي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن مهن أخرى تعاني نفس الظروف والمعوقات التي تعترض طريقها، بل ربما تجعل منها مهنة سائغة للمتطفلين والمتحذلقين الذين يهدفون إلى الكسب المادي ولا شيء سواه.
فما ذكره رئيس الجنة الدكتور قاروب يعد أمراً خطيراً يجدر بنا الوقوف عنده كثيراً، لعلنا نسعى إلى محاربته، أو نقف على الأقل مع المختصين الذين تشغلهم هموم هذه المهن المهمة والحيوية في تكويننا الاجتماعي، لكي ندفع معاً ولو جزءاً يسيراً من الظلم الذي يقع على هذه المهنة، فقد يقود هذا التحايل في أمر المحاماة إلى تحايل أكبر، وانتحال أخطر ربما في مجال الصحة والغذاء، والتعليم وسائر أمور حياتنا الضرورية.والمؤلم أن هذا الانتحال في أمر المحاماة والمرافعات يرتبط كثيراً في حياتنا اليومية، لأنها تعد سنداً وعوناً للناس حينما يحاولون استرداد حقوقهم، أو السعي لإنصافهم في أي قضية قد يتعرض لها البعض منهم، فلو وقع أي مواطن بمشكلة قانونية، أو قضائية ولجأ إلى المنتحل صفة المحامي فإن القضية ستكون أكثر تعقيداً، بل سيفقد أدنى فرصة لتحقيق العدالة في مطالبه.
نحن لا نعمم هنا في أمر المحاماة ومهنتهم النبيلة، إنما هناك دخلاء بالفعل، أفسدوا عملية المحاماة والمرافعات ومحاولات استرداد الحقوق، فبات فيها المتخصصون الحقيقيون يشعرون بالغبن لا سيما أنهم دأبوا على التحصيل العلمي، وجهدوا في مجالهم، وتخصصوا واستخرجوا السجلات وتجشموا عناء تكوين وجودهم المهني بكل جد واجتهاد، إلا أنهم تاهوا في غمرة هذا الإدعاء للمهنة، في وقت لم يجد هؤلاء المنتحلون والأدعياء أي قرار رادع ربما يعيد الوضع إلى نصابه.
فهؤلاء المنتحلون لصفة المحامين لا تعوزهم الحيل، ولا يجدون صعوبة في ادعاء أي شيء، فأصعب أمر لديهم هو أن تفوضه بوكالة مقيدة أو مطلقة ليَهُبَّ متظاهراً بأنه سيحقق لك كل ما تريد، حتى تتصور ودون عناء أنه جاء لنجدتك وهو في الغالب الأعم لم يأتِ إلا للبحث عن المصلحة الشخصية أولاً وأخيراً.
في نهاية المطاف قد تكتشف اللعبة، فتجد أن البعض ممن يترافعون ويتوكلون في المحاكم والإدارات ليسوا من أهل الاختصاص، وليسوا مؤهلين، بل لا يعرف لهم مكان معين، أو جهة ترعى نشاطهم، ولن يكون بوسعك أن تسعى لاسترداد ما يمكن استرداده منهم لأنك لن تجد لهم أي أثر.
hrbda2000@hotmail.com