وجه سعوديون رسالة للسفير الأمريكي في الرياض، عبروا فيها عن احتجاجهم على إجراءات التفتيش المهينة التي فرضتها السلطات الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً على المسافرين من وإلى المدن الأمريكية ضد مواطني 14 دولة ومنها المملكة، على اعتبار أن هذه الإجراءات تحمل في مضمونها بعداً (عنصرياً) لا يمكن إخفاؤه، وتسيء إلى مواطني هذه الدول، وتصنف كل من يحمل جوازات هذه الدول على أنهم إرهابيون محتملون يجب أن يتم التعامل معهم أمنيا بطريقة احترازية أكثر من الآخرين.
صحيفة (إيلاف) الإلكترونية طرقت باب السفارة الأمريكية في الرياض تتساءل عن رأي السفارة في هذه الرسالة، وهذه الانتقائية والعنصرية غير المبررة؛ إلا أن المسؤولين في السفارة -كما جاء في الصحيفة- لاذوا بالصمت، ورفضوا التعليق، وضربوا (بالشفافية) عرض الحائط، ولم يُعلقوا على الرسائل التي تدفقت على السفارة، ومارسوا ما كانوا ينتقدون غيرهم عليه مراراً وتكراراً: التعتيم والبعد عن الشفافية.
أن تسكت -يا سعادة السفير- وتواجه مثل هذه الاحتجاجات باللامبالاة، والصمت، وعدم الاكتراث، ولا تعلق على الرسائل التي تدفقت على السفارة، فأنتم تمارسون ما تنهون (الآخر) عنه، في تناقض لا يمكن تبريره. تقولون: إن السفارات الأمريكية في العالم تهتم بإقامة جسور التفاهم والحوار مع الشعوب، وتسعى دائماً إلى تحسين صورة الولايات المتحدة، وتدافع من خلال التواصل مع وسائل الإعلام عن أي إجراء تتخذه حكومتها، وتحاول أن تشرح الأسباب والبواعث والمبررات لسياسات الولايات المتحدة. والسؤال: لماذا -إذن- لم تشرح لنا السفارة الأمريكية الأبعاد والدوافع التي جعلت صانع القرار الأمني في الولايات المتحدة يتخذ مثل هذه الإجراءات المهينة، وبهذه الطريقة العنصرية؛ ولماذا لم تجد سفارتكم إلا الصمت مخرجاً من التعليق على هذه الأسئلة التي من حقنا نحن السعوديين طرحها، ومن واجبكم كممثلين رسميين للولايات المتحدة الأمريكية أن تعلقوا عليها، وتوضحوا لنا وجهة النظر الرسمية تجاه هذا الاحتجاج؛ أليست هذه من قيم (الشفافية)، التي هي من مبادئ دول (العالم الأول) كما تقول أدبياتكم لنا نحن شعوب العالم الثالث؟
أريد أن أضع أمامك -يا سعادة السفير- صورتين تختصران كثيراً مما نريد قوله في هذا المضمار.
الأولى ما قدمه الثري الأمريكي (بيل قيتس) لمكافحة الأمراض والأوبئة إلى شعوب دول العالم الثالث. أن يتبرع هذا الإنسان النبيل بمبلغ عشرة مليارات دولار لمكافحة الأمراض والأوبئة في دول العالم الثالث، ويتخطى التراكمات العنصرية والتاريخية والدينية والجغرافية، فهو يرسخ بهذا التصرف صورة الإنسان الأمريكي المتحضر الواعي بدوره الإنساني التاريخي.. هذا العطاء السخي، والمتحضر، هو الصورة التي نطمح أن يكون عليها مستوى ونوعية التعاون والتعايش بين شعوب العالم، بعيداً عن العنصرية البغيضة بكل أشكالها.
الصورة الثانية هذه القرارات الأمنية العنصرية المجحفة والمهينة، والتي هي على النقيض من الصورة الأولى. قارن بين الصورتين بموضوعية يتضح ما أريد أن أقوله هنا. فالقرار العنصري لن يزيد العالم إلا فرقة وتشرذماً، ولن يستفيد منه إلا الإرهابيون، ودعاة البغضاء والكراهية بين الشعوب والأديان في نهاية المطاف؛ فضلاً عن أنه يشوه الوجه الحضاري للولايات المتحدة الأمريكية.
إلى اللقاء