الكل بات يدرك جيداً كل التدخلات الإيرانية في الشأن العربي وفي الشأن الخليجي بالذات ف (بدءاً) من حكاية تصدير الثورة التي أعقبت الحكم الخميني مباشرة أو هي أولى إفرازاته الطائفية إلى ما تفعله اليوم في الشمال اليمني المتاخم لحدودنا الجنوبية ومحاولة إثارة الفتن والقلاقل والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد (اليمن) وأبناء الوطن العربي بشكل عام.
فإيران هي التي لم تزل تحتل أرضاً عربية في مياه الخليج والتي لم تزل تعتبرها فارسية ونعني بذلك الجزر الإمارتية الثلاث.
وهي إيران هي التي رمت بكل ثقلها الشعوبي والطائفي في جنوب العراق الجريح، بل توغلت إلى التدخل بشأنه السياسي حتى في بغداد وهي التي أحدثت شرخاً طائفياً في لبنان عبر تبنيها ودعمها لحزب لم يزل يحمل السلاح دون سائر الأحزاب التي سلمت أسلحتها إلى الدولة من أجل إعادة (الوحدة الوطنية) والتحاكم إلى الدستور وبناء الديمقراطية الحقة من جديد وهي - أي إيران - هي التي أحدثت الشرخ بين المقاتلين الفلسطينيين وقسمت أبناء القضية إلى دولتين متناحرتين مما أعاق كثيراً حل القضية الفلسطينية عبر المحافل الدولية وهي التي ما فتئت بين حين وآخر تثير الاضطرابات والمظاهرات في إحدى دولنا الخليجية الغالية بحجج واهية شتى لعل أغربها أن أرض تلك الدولة العربية تعتبر من أرضها (!!) رغم أن حضارة تلك الدولة الخليجية العربية لربما أكثر قدماً من الحضارة الفارسية نفسها.
أما أخطر الممارسات الإيرانية، فهي استماتتها في التشبث بإدامة علاقاتها (المشبوهة) ببعض دولنا العربية ل(شيء في نفس يعقوب) أو بالأحرى لشيء في نفسها من أجل إضعاف المواقف العربية في القضايا الهامة التي تتعلق بوحدة المصير العربي ومحاولة خلخلة الخريطة العربية وتحييد تلك الدول إزاء استمرارية ألاعيبها التاريخية، وعدم الوقوف في وجهها لتحقيق نواياها الشعوبية القادمة.
أما آخر الألاعيب الإيرانية (اللامكشوفة) في منطقة الخليج، فهي إثارة الفئوية بين أبناء إحدى دولنا الخليجية والتي يثيرها بعض (المندسين) في النسيج الديموغرافي لتلك الدولة وما يتبعهم من الجهلة والمطبلين الذين لا يدركون مغبة هذه الإثارة الفئوية والتي ترتدي (لبوساً قانونياً) ينطبق عليه القول: (حق أريد به باطل) ونعني بذلك إثارة موضوع (ازدواج الجنسية) مع أن دستور تلك الدولة يقول في أولى مواده (أن أرضها جزء من الأرض العربية، وشعبها جزء من الشعب العربي) فما بالك إذا عرفنا أن شعب تلك الدولة قد تكون أساساً من (قبائل وعوائل وأفراد) هاجروا - قريباً - من الجزيرة العربية، وأصبحوا هم المكون الأساسي لمواطني تلك الدولة، بل لا نغالي إذا ما قلنا إن تلك (القبائل والعوائل والأسر) لم تزل موزعة بين تلك الدولة والمملكة وأن ظروف العيش هي التي أحدثت هذا التوزع السكاني الذي يمثل الوحدة الحقيقية ل(شعب) مجلس التعاون الخليجي وهي وحدة تعتمد على الأصل والدم والمصير المشترك.
هذا إذا كنا نسعى حقيقة للوحدة الخليجية، أما إثارة الفئوية فهي تمزيق متعمد لهذه الوحدة الأسرية مهما اتخذت من ذرائع (!!) وغايات (!!).