البرلمان في إسرائيل، هو السلطة التشريعية الأعلى، هو الذي يقر الحكومات ويسقطها، والشعب في إسرائيل هو الذي ينتخب البرلمان بانتخابات حرة شبيهة بما يجري في أوروبا وأمريكا، فلا شراء للأصوات ولا ضغوط سياسية على الناخبين ولا تزوير وبالتالي لا أحد يفوز بنسبة 99%.
الانتخابات الأخيرة في إسرائيل أتت ببرلمان غير متجانس، تطغى عليه التحالفات المتطرفة اللاسلمية، ابتعد فيها حزب العمل عن المنافسة، ودخلت الأحزاب الدينية التوارتية بكل قوة إلى البرلمان، وانحصر الصراع على الزعامة بين (الليكود) بزعامة (نتنياهو) و(كاديميا) بزعامة ليفني، والفارق بينهما مقعد واحد في البرلمان.
العرب وأصدقاؤهم يطالبون (نتنياهو) بوقف بناء المستوطنات كاستحقاق دولي أقرته اللجنة الرباعية وخارطة الطريق. (نتينياهو) وإن رغب في ذلك إلا أنه لا يستطيع، لأن حكومته مرهونة ببقائها بتحالف حزبها مع حزب (إسرائيل بيتنا) والأحزاب الدينية الصغيرة الأخرى، بحيث تسقط حكومته إذا ما انسحب منها فقط كتلة (ليبرمان) وزير خارجيته الذي يعارض وقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية بما في ذلك القدس.
حاول (نتنياهو) استمالة حزب (ليفني) للتحالف معه والدخول في حكومته، للتخلص من ارتهانه للأحزاب الدينية، إلا أن (ليفني) لديها حسابات أخرى تتلخص في أنها تنتظر سقوط حكومة (نتنياهو) لتكلف هو بتشكيل الوزارة باعتبارها الحائزة على أكثر المقاعد في البرلمان بعد حزب (نتنياهة)، مع أن حزب (كاديما) الذي تتزعمه (ليفني) ولد من رحم (الليكود) بزعامة (نتنياهو).
المفارقة هنا، أن السلطة الفلسطينية والعرب وأصدقاءهم يحاولون مع (نتنياهو) كما حاولوا خلال سبعة عشر عاماً من المفاوضات مع الحكومات السابقة للتوصل إلى حل الدولتين في حدود 5-6-1967م، وفي ظني أنه لن ينجحوا لأن (نتنياهو) لن يخاطر بزعامته لأجل عيون العرب أو رضا أصدقائهم.
تحدث هذه المفارقة، لأن العرب وأصدقاءهم، يصبون جهودهم على النتيجة دون السبب، وكان الأولى أن تنصب الجهود على تغيير الرأي العام الإسرائيلي ممثلاً بالناخبين الذين يأتون بالحكام إلى البرلمان ومن ثم إلى السلطة.
هذا الناخب الإسرئايلي، يزداد تطرفاً سنة بعد أخرى، وغالبيته من المؤيدين للاستيطان في الضفة الغربية أو كما يسمونها (يهودا والسامرة)، والممانعين لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان.
لنكف إذاً عن العمل مع (النتيجة) الممثلة في حكومات إسرائيل المتعاقبة، ولنتعامل مع (السبب) الذي أوصل تلك الحكومات إلى السلطة، فإذا استطعنا بالأساليب السلمية، أو الوسائل الحربية أن نحدث تغييراً في الرأي العام الإسرائيلي نحو السلام، فسوف يحكم إسرائيل حكام راغبون وقادرون على تحقيق السلام، فاليهود في إسرائيل هم (بيضة القبان) التي على العرب وأصدقائهم أن يتعاملوا معها إذا ما أرادوا للمفاوضات مع أي حكومة إسرائيلية أن تحقق السلام وفق مبادرة السلام العربية.