الجزيرة - فهد الشملاني
عبر بعض أصحاب الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة عن استيائهم بسبب إحجام المصادر التمويلية وبخاصة المصارف عن تمويل مشاريعهم. وأشاروا إلى أن الصناعات المتوسطة والصغيرة ما زالت تعاني من ضعف التمويل من الجهات الإقراضية، مؤكدين أن هناك عزوفا من المصارف بشكل عام عن إقراض المشاريع الصغيرة، وأن تلك المصارف توجه استثمارتها التمويلية إلى المشاريع الكبيرة بنسبة تفوق 80%.
وقال المستثمرون: إن التمويل أحد أهم أسباب تعثر نمو قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن الفجوة بين المؤسسات الصغيرة والبنوك في مسألة التمويل لا تزال كبيرة, مطالبين بإنشاء شركات لتكون قنوات تمويلية للمؤسسات الصغيرة بحيث تعمل تك الشركات كوسطاء لإقراض المشاريع الصغيرة.
ولفت المستثمرون إلى الأهمية الكبيرة التي تحتلها المشاريع الصغيرة والمتوسطة عندما تمارس دورها بشكل فاعل في تحقيق التنمية الصناعية وزيادة الدخل الوطني، وخلق فرص عمل واسعة لليد الوطنية، إضافة إلى أنها تؤدي دورا مؤثرا في تكامل الصناعات لكونها تستخدم مواد خام محلية، مشيرين إلى أن الأرباح التشغيليه لللمشروعات الصغيرة والمتوسطة غالبا ما تكون مرتفعة ورغم ذلك لا يجدون من ينصف هذه المشروعات حتى وفق الرؤية الاقتصادية باعتبار أنها الأقل تضررا حتى في ظل الأزمات قياسا بالشركات الكبرى.
وقال يوسف النمر (مالك لمصنع بيوت جاهزة) أن قطاع المشاريع الصغير يعاني حاليا من ضعف التمويل من قبل المصارف وهو ما ينعكس سلبا على نمو واستمرار بعض المشاريع، وخاصة الصناعات التي بدأت بخطوط إنتاج صغيرة وتحتاج إلى رأس مال لتوسعة مصانعها وزيادة إنتاجها وبالتالي ترتقي إلى الصناعات الكبيرة.
وأكد أنه طرق عددا من أبواب المصادر التمويلية من أجل توسعة مصنعه وإنتاج أنواع جديدة تتناسب مع التطورات التي واكبت صناعة البيوت الجاهزة، غير أنه اصطدم بعدد من المعوقات والعقبات التي حالت دون حصوله على التمويل اللازم لتوسعة مصنعه من أبرزها ضمانات القروض وارتفاع نسبة الفائدة والمدة الزمنية للإقراض.
واستدرك النمر بأن هناك تحركاً من قبل الجهات التنظيمية لتسهيل حصول أصحاب الاستثمارات الصغيرة على قروض تمويلية لدفع مسيرة تنمية هذا القطاع، مؤملاً أن يتم الإسراع في أنشاء شركة تنمية الصادرات وكذلك الصندوق الداعم للصادرات الصغيرة المقترح حاليا للحد من مشاكل التمويل الذي يعاني منه القطاع.
ويشاطرة الرأي المستثمر تركي العقيل في عزوف الممولين عن قطاع الاستثمارات الصغيرة بشكل ملف للنظر رغم أنها تتميز بارتفاع عائدها التشغيلي، وقدرتها على تنويع الإنتاج والتكيف مع المتغيرات والظروف الاقتصادية، ومحاربة الفقر والبطالة وتوفير السلع والخدمات بأسعار متناولة لشريحة ضخمة من ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى كونها قادرة على تدعيم التجديد والابتكار وإجراء التجارب التي تعتبر أساسية للتغيير الهيكلي من خلال ظهور مجموعة من رواد الأعمال ذوي الكفاءة والطموح والنشاط، موضحا أن بعض المصادر التمويلية تجهل المميزات التي تحويها الصناعات الصغيرة وتجعل منها مكانا خصبا وآمنا لأموالهم.
وقال العقيل إن صعوبة التمويل عقبة يعاني منها معظم أصحاب الاستثمارات الصغيرة سواء كانت صناعية أو تجارية، مشيرا إلى أن الدعم الحكومي المتمثل بالقروض لا يمكن أن يكون بديلاً عن الدور المهم للبنوك في دعم هذه المشاريع، وطالب المسؤولين بأن يستشعروا أهمية ودور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد وتبنى سياسات إصلاحية للنهوض بهذا القطاع وتعزيز دوره الفاعل في عجلة الاقتصاد الوطني.
والإحصاءات الاقتصادية - حسب العقيل - تؤكد أن نسبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول المتقدمة تفوق 90% من إجمالي عدد المشاريع العاملة وتوظف ما يزيد على 60% من القوى العاملة، وتصل مساهمتها إلى 46% من الناتج المحلي، وتساهم بنسبة 35% من الصناعات اليدوية في العالم، وهو ما يعكس أهمية هذا القطاع وضرورة الالتفات له بنظرة جدية.
إلى ذلك كشفت دراسة اقتصادية مسحية وجود فجوة كبيرة بين تمويل الشركات الصغيرة من ناحية وتمويل الشركات الكبرى من ناحية أخرى.
وقالت الدراسة التي أجرتها وزارة التجارة والصناعية أن البنوك تمتنع عن إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام، وأنها توجه تمويلها إلى المشاريع الكبيرة بنسبة 80%.
ورأت الدراسة استحداث خدمة دعم مركزية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء مركز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة داخل وزارة التجارة والصناعة، وأن يتم دعم هذا المركز عن طريق مجلس استشاري يقوده ممثلو القطاع الخاص بمن في ذلك المديرون المالكون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتقديم خدمات دعم للشركات وحوافز من أجل تحسين المشروعات والمعدات والتقنيات على المستوى المحلي، مع بحث قضية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وبينت الدراسة أن المشكلات التي تعاني منها المشروعات الصغيرة والمتوسطة تتركز في نقص العمالة والمهارات، الحصول على الأراضي ومقار العمل، ومشاكل مع البنوك بالتمويل، كذلك إجراءات ترخيص الشركات، المنافسة غير العادلة، وقوانين التوظيف، والمناخ الاقتصادي، والحاجة إلى التدريب الإداري، ومخاوف موثوقية الحصول على إمدادات الطاقة والمياه.
واقترحت إنشاء شبكة من وكالات الدعم الإقليمية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على مستوى كل منطقة بشكل مبدئي، مع ضرورة أن يتم تقديم خدمات الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على الصعيد المحلي، معتبرة أنه في حال غياب مثل هذه الشبكة المحلية فإنه لن تكون هناك فعالية للدعم المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل كامل. وتتمثل المهام الرئيسية للوكالات المحلية - بحسب الدراسة - في: خدمات المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحالية من حيث: جمع معلومات كاملة عن كل المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في منطقة عمل هذه الوكالات، القيام بزيارة كل مشروع صغير أو متوسط لتحديد متطلباته باستحداث أدوات التشخيص، إعداد جدول بالمساعدات والإجراءات المطلوبة من قبل كل مشروع صغير أو متوسط يحتاج إليه، دعم التجارة البينية فيما بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة في الوقت الحالي أو الشركات الكبيرة، الإعلان عن الوكالة ونطاقها وخدماتها بشكل منتظم.
كما تتضمن المهام الرئيسية للوكالات خدمات لأصحاب المشروعات الجديدة من حيث: خدمة إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة صناعية، إعداد برنامج للدعم المستمر للمشروعات المنشأة حديثاً، مساعدة كل المشروعات الجديدة في عملية الحصول على مقار للعمل تكون مناسبة لعملياتها، التعاون مع أصحاب الشركات ذوي الصلة من أجل تأسيس حاضنات تجارية، وإقامة علاقات مع القطاع المصرفي التجاري للمساعدة في تمويل المشروعات الجديدة. ومن مهام الوكالات أيضا الخدمات عامة من حيث: دعم إنشاء شبكات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم تطوير التجمعات، دعم تطوير أماكن الاستفادة العرضية ومنتزهات العلوم بالاشتراك مع المؤسسات الأكاديمية، إنشاء شبكات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة تضم محترفين وأصحاب مشروعات محليين، تقديم مراجعة منتظمة لإدارة المشروعات الصغيرة المنشأة في وزارة التجارة والصناعة، الإعلان والترويج المنتظم لأنشطة الوكالة، القيام بزيارات تعليمية للمدارس والجامعات للترويج لمفهوم إنشاء المشروعات، والحفاظ على سجلات أنشطة مفصلة، إدارة برنامج دعم المشروعات الصناعية المتوسطة والصغيرة إدارة التمويلات الوطنية المخصصة لبرامج دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تقدم على المستوى المحلي.
يشار إلى أن صندوق التنمية الصناعية قد رفع مؤخرا معدل كفالة القروض التي تمنح من قبل البنوك المحلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى 75 في المائة من قيمة القرض ورفع الحد الأعلى لقيمة الكفالة إلى 1.5 مليون ريال بزيادة 500 ألف ريال عن المبلغ المقرر سابقا وذلك لمواجهة إحجام البنوك عن تمويل المشاريع من خلال برنامج كفالة الذي أقر قبل ثلاث سنوات.
وأكد أن قيمة الكفالات المعتمدة من البرنامج للمنشآت القائمة تمثل 89% من اجمإلى قيمة الكفالات مقابل ما نسبته 11% للمنشآت الجديدة حتى بداية العام الماضي، وأرجع أسباب إحجام البنوك من تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة الجديدة لارتفاع نسبة المخاطر لهذه المنشآت وضعف دراسات السوق ودراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع ومحدودية الأموال الذاتية لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.