القاهرة - مكتب الجزيرة
توقَّع خبراء اقتصاديون انكسار الأزمة الاقتصادية منتصف العام الحالي، وانتهائها بداية العام المقبل. وأكدوا أنه حتى مع انفراج الأزمة سيكون هناك نتائج سلبية خاصة على الدول النامية. لافتين إلى أن كل الشركات التي خسرت أثناء الأزمة نتيجة خفض أسعارها أو ضخ أموال في السوق ستسعى إلى تعويض ذلك برفع الأسعار؛ ما يؤدى إلى حدوث نوع من التضخم، وهو ما سيؤثر على الدول النامية بالسلب بصفتها دولاً مستوردة لمعظم احتياجاتها، إضافة إلى وجود ميل للادخار بعد الأزمة وتشجيع المنتج المحلي؛ ما يؤثر على قدرة الدول النامية في التصدير، ويؤدي إلى قلة الدخل بها.
جاء ذلك خلال الندوة التي عقدت بالمعرض الدولي للكتاب بالقاهرة تحت عنوان (متى تنفرج الأزمة الاقتصادية؟). وقال الخبراء المشاركون في الندوة: إن هناك مؤشرات وبوادر لتحسن الأحوال بعد الأزمة الاقتصادية، ومنها أن مؤشرات البورصة في العالم كله بدأت ترتفع بعد انخفاضها إلى أكثر من 70% وقت الأزمة، كما أن معدلات التضخم انخفضت في معظم دول العالم؛ لأن الشركات ضخت أموالاً وخفضت أسعار منتجاتها. وقالوا إن بعض المستوردين استغلوا الأزمة وقاموا باستيراد المنتجات من الخارج بأسعار رخيصة وباعوها بالأسعار القديمة المرتفعة نفسها. مشيرين إلى ضرورة وجود دور للدولة لمواجهة مثل هذه الممارسات، وأن يكون لها دور اجتماعي لتصحيح المسار، وألا يقتصر دورها فقط على الدور الاقتصادي وضخ الأموال.
وأوضح الخبراء أن هناك آليات مختلفة للخروج من الأزمة، لافتين إلى أن الدول المتقدمة انقسمت في رؤيتها للخروج من الأزمة؛ حيث توجد مدرستان في هذا الإطار. وترى المدرسة الأولى أن الحل للخروج من الأزمة هو ضخ أموال في السوق؛ ما يساعد الشركات الكبرى على العمل بطاقة إنتاجية أعلى، وهذا الاتجاه تشجعه دول أمريكا وبريطانيا، بينما ترى المدرسة الثانية أن الخروج من الأزمة الحالية لن يتم إلا من خلال علاج الجذور، وأن يكون هناك تدخل من الدولة، وأن يتم تشديد الرقابة ووضع الضوابط اللازمة للاقتصاد الدولي، وهو ما تشجعه دول مثل فرنسا وألمانيا. بينما رفض خبراء آخرون تحديد موعد لانتهاء الأزمة، مشيرين إلى أنه في الأزمات لا نعلن انفراجها، ولكن بعد انتهاء الأزمة نصبح إزاء وضع جديد يعكس توازنات القوى بعد انتهائها، ومؤكدين أنه لا يمكن تجاهل تلك التوازنات. وأضافوا أن الخروج من الأزمة الاقتصادية وحلها سيكون على حساب بعض البلاد الأخرى؛ حيث ستمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على دول الخليج والصين لضخ أموال في بعض مشروعاتها. مشيرين إلى أن هناك بعض العوامل المرتبطة بالأزمة الاقتصادية، منها وجود تناقض بين القطاع العيني والقطاع المالي بسبب انفصال القطاع المالي عن القطاع العيني دون أن يساهم في العملية الإنتاجية، ومساهمة العولمة في انتقال الأزمة الاقتصادية من الولايات المتحدة إلى باقي دول العالم بسرعة شديدة. وقالوا إن أهم عامل مرتبط بالأزمة هو ضعف الرقابة المصرفية في الولايات المتحدة على بنوك الاستثمار التي تمثل 75% من نشاط الإقراض، وهي خارج رقابة البنك المركزي الأمريكي، إضافة إلى وجود درجة كبيرة من التداخل بين المسؤولين في بعض المؤسسات والجهات الرقابية. وأشار الخبراء إلى أنه إذا تم حل مشاكل الفئات الأكثر ضرراً من الأزمة سيؤدي ذلك إلى انفراج الأزمة بنسبة كبيرة، مثل حل مشاكل صغار المستثمرين في البورصة وشعوب العالم الثالث التي أضيرت من الأزمة الاقتصادية رغم عدم مشاركتها في أسبابها.
وأكد الخبراء أن الأزمة الاقتصادية التي حدثت في أمريكا وانعكست على باقي دول العالم هي نتيجة لفساد القيادات المصرفية، ولعدم تفعيل ضوابط الحوكمة، ولضعف الرقابة بل انعدامها على هذه القيادات الذين اخترعوا بعض الأشياء التي أدت إلى تضاعف أزمات البنوك. وأضافوا أنه يجب أن يكون هناك دور للدولة؛ حيث لا يتعدى أحد على حدود الآخرين، وأن ترسخ قواعد للمنافسة والاحتكار في السوق؛ فلا يمكن أن ترفع الدولة يدها عن حماية الاقتصاد القومي.