تحليل - وليد العبدالهادي
كانت البنوك الأمريكية قبل الأزمة المالية تعيش شهور عسل استثمارية مستغلة رالي المشترين المتهور في أسواقها المالية والنتيجة معروفة للجميع، وكان المنقذ هو الحكومة حيث إلتهمت بعض الحصص في التملك بأسعار زهيدة، وكان تلويح السيد (أوباما) بقطع الأرزاق وذلك باقتراح أنظمة تحد من استثمار البنوك في صناديق التحوط خصوصا البنوك التي تملك فيها الحكومة سببا رئيسيا لعتب المستثمرين في أسواق الأسهم والمحصلة هبوط هذه الأسواق، وهي رسالة بأن هذا هو ثمن الإنقاذ والمطلوب هو الإذعان فقط، من جهة أخرى، منح المستهلك البريطاني ثقته بالاقتصاد وغابت أوروبا عن الحضور في هذا الأسبوع بسبب ندرة الأرقام المعلنة. أما اليورو يعيش آخر أيام الهبوط والمضاربون يستعدون للعبث من جديد في العملات الأوروبية والأسباب فنية، ولمزيد من التفصيل والتوضيح دعونا نأخذ رحلة اقتصادية نروي خلالها أحداث هذا الأسبوع لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم:
الدولار الأمريكي:
متوسط 200 يوم يقف عند 78.5 أمام سلة عملاته والمذهل أنه الآن يتحرك ويصارع عند مستوى 79,4 والاتجاه الصاعد لا يزال متشبثا به خلال بضعة أيام قادمة، والداعم الأكبر له هو ارتفاع مخزونات الطاقة الأمريكية إلى 2.3 مليون برميل والندية بينهما أي (النفط والدولار) أما الذهب فلا سوق له هذه الأيام حيث تظهر الحركة الفنية أنه وضع في منطقة قد تهوي به إلى مستوى 1.007 دولار للأونصة.
عملية شاقة أمام المراقبين والمستثمرين خصوصا في فرز المؤشرات السلبية والإيجابية وترجيح الكفة بينهما لكن لنبدأ بأهمها، حيث تراجعت معدلات الإنفاق على البناء 1.2% لشهر ديسمبر مقارنة بتراجع يبلغ 0.6% وسببه ارتفاع أسعار المنازل، مؤخرا أكد ذلك هبوط معدل مبيعات المنازل التي تم توقيع عقودها إلى 10.5% بعدما كانت مرتفعة 19.3% على المقياس السنوي لشهر ديسمبر وهنا نخلص بنتيجة إلى أن القطاع العقاري يظهر عليه الوهن في هذا الأسبوع؛ مما أثر على أسهم المصارف كما رأينا لكن هذا لم يكن السبب الوحيد بل اقتراح أوباما حول حد البنوك من ممارسة أية نشاطات في صناديق التحوط خصوصا التي لاقت دعما من الحكومة زاد الأمر سوءا في قطاع المصارف هناك، وهنا تظهر علامة من علامات سيطرة القرار الحكومي على الأداء التجاري للبنوك، وهو ثمن خطط الإنقاذ فلا يجب عليها أن تتذمر بل (تذعن)، أما الجزء الآخر والمهم بعد عملية الفرز هو من نصيب قطاع الخدمات حيث بتماسكه عند 50.5 والذي يميل للنمو أعطى نوعا من الارتياح في شتى النشاطات التجارية الخدمية هناك، ولا يزال الدولار يتحرك بإيعاز من هذه المؤشرات مستغلا هبوط شهية المخاطرة في الأسواق.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي:
يعيش هذا الزوج آخر أيام الهبوط وما زال يقترب كل يوم من مستوى 1.37 حيث يترصد له المشترون هناك، أما رالي البيع بدأت عزومه تضعف وآخر صفقات للبيع قد نشاهدها عند حدوث أي ارتداد مؤقت إلى 1.40 قبل الوصول إلى 1.37 لكن المشكلة تكمن في أن الزوج قد يهدأ في هذه المناطق حتى نهاية فبراير الحالي لتأسيس المزيد من القواعد الشرائية.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي:
قام بإجراء عملية تحسس للقاع عند 1.58 أظهرت مدى ظهر البيوع هناك مما يرجح أن إمكانية زيارة حد القناة السفلي عند 1.57 غير واردة، ويستهدف الأسبوع المقبل مستوى 1.62 بعد دمج حركة التداول لآخر 3 أيام.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:
نمط شرائي بدأ يتشكل وهو (رأس وكتفين مقلوبة) شرطه الأساسي تخطي مستوى 92.3 وهو في طريقه للاختبار ولا يزال الزوج يمر بفترة حضانة من قبل المشترين والاتجاه جانبي على المدى القصير والمتوسط والطويل.
اليورو:
القارة الأوروبية لم تكن نشطة في هذا الإسبوع من حيث الأرقام المعلنة وينحصر الحديث عنها حول ألمانيا الأكبر اقتصاديا والتي ارتفع فيها مؤشر مديري المشتريات الصناعي في يناير إلى 53.7 مقارنة بالمستوى السابق 53.4 ويظهر زيادة رغبة المنتجين في الإنتاج على الرغم من الهبوط الأخير في مبيعات التجزئة لشهر ديسمبر لكنها قلصت من انكماشها في يناير إلى 2.5% مقارنة بشهر ديسمبر من العام 2008م وكثير من المستثمرين ينتظر نتائج طلبات المصانع لمزيد من الارتياح ولا سبيل لهم أي المستثمرين سوى الترقب خصوصا وأن الاتجاه الهابط في آخر مراحله بالنسبة للعملة الموحدة الأكبر في العالم.
الجنيه الإسترليني:
بريطانيا كانت محط أنظار الجميع، لا سيما وأن البيانات الاقتصادية في هذا الأسبوع غزيرة وهامة أبرزها ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصناعي لشهر يناير الحالي إلى 56.7 مقارنة بال مستوى السابق 54.1 وهذا يعني أن المنتجين يعيشون مرحلة انتعاش بتخطي مستوى50 لعدة شهور على الرغم من أن قطاع الخدمات هو القائد اقتصاديا من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للبلد، مع تراجع لقيمة الإقراض (الرهن العقاري) إلى 1.2 مليار جنيه مقارنة بالقيمة السابقة 1,5 مليار جنيه وهو طبيعي جدا خصوصا مع ارتفاع شاهق لأسعار المنازل تم رصده مؤخراً وتراجع طفيف لعدد الموافقات على القروض العقارية لشهر ديسمبر إلى 59 ألف موافقة مقارنة بحوالي 60.5 ألف موافقة للقراءة السابقة ولابد من التهدئة قليلا حتى لا تولد فقاعة عقارية، أما بخصوص قطاع التشييد والمقاولات ارتفع مؤشر مدراء المشتريات للبناء لشهر يناير إلى 48.6 والسابق كان عند 47.1 وعلى الرغم من ارتفاعه وهذا جيد إلا أنه وفق المقاييس الاقتصادية لا يزال يتحرك في منطقة الانكماش، لكن الأهم من ذلك كله هو نمو ثقة المستهلك في يناير إلى مستوى 73 حيث تخطى مستوى 69 لشهر ديسمبر ولم يعط المستثمرون أهمية كبيرة لقطاع الخدمات في هبوطه إلى مستوى 54.5 والسبب يعود لقوة تأثير ثقة المستهلك على بقية المؤشرات هناك لذا رأينا العملة الملكية تقاتل بقوة أمام جميع العملات الرئيسية وسط حفاوة من المستثمرين والمؤسسات المالية وشقاوة المضاربين.
الين:
اليابان تغيب عن أحداث هذا الإسبوع وكذلك الصين ويبدو أن الفرق الإقتصادية هناك في فترة نقاهة بعد سلسلة من القرارات الهامة والتي تركت أثراً بالغا في نفسية المخاطرين، ودعونا نتسلى ببعض الأرقام والتي قد تكون متآخرة لكنها هامة، حيث أعلنت (Nomura Holding) أكبر وسيط استثماري في اليابان عند أرباح بحوالي 10,2 مليار ين دون التوقعات وسط رغبة منها في أن تستهدف الأسواق الأمريكية بسبب اقتراح أوباما تشريعات تحد من الاستثمار في صناديق التحوط، أيضا (Mitsubishi) دخلت مرحلة النمو بتحقيق أرباح 10.7 مليار ين مقارنة بخسائر سابقة بسبب خفض الحكومة لمعدلات الضرائب مع نمو فوق التوقعات لأرباح (Honda) واستهداف جرئ للأسواق الكندية، لكن تم إفساد الفرحة بسبب تراجع مفاجئ في تجارة التجزئة اليابانية تلقى الين على إثرها المزيد من الضغوط القاسية كان الجاني هو الدولار.
(تم إعداد هذا التقرير منتصف جلسة الأسواق اليابانية يوم الخميس الساعة 4 صباحا بتوقيت جرينتش)
محلل أسواق المال
waleed.alabdulhadi@gmail.com