Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/02/2010 G Issue 13645
السبت 22 صفر 1431   العدد  13645
 
عام من الخلافات الأميركية - الصينية
إيان بريمر - ديفيد جوردون*

 

في عام 2009 أطلقت مجلة فوربس على رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما والرئيس الصيني هو جين تاو وصف (أقوى شخصين في العالم).. وفي عام 2010 سوف يتبين لنا أن كلاً منهما ليس لديه القدرة اللازمة لإبقاء العلاقات الأميركية - الصينية على المسار السليم.. وهذا نبأ سيئ بالنسبة لهؤلاء الذين يعتقدون أن التعاون الأميركي - الصيني يُشكّل ضرورة أساسية لإنعاش الاقتصاد العالمي، ومواجهة التحدي المتمثّل في تغير المناخ، واحتواء تهديدات الانتشار النووي، والتعامل مع مجموعة من المشاكل التي لا تعرف حدوداً وطنية.. وهو أيضاً نبأ سيئ بالنسبة لأمريكا والصين.

ولنتأمل هنا الرقم 10.. فمن المحتم أن يحدث تصادم بين مستويات البطالة التي بلغت 10% في أميركا.. وبين توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 10%، ولسوف يكون هذا التصادم أشبه بالتصادم بين الجبهات الجوية الباردة والساخنة الذي تتولّد عنه العواصف.. فالشعوبية الأميركية سوف تكون في مواجهة التباهي الصيني.. والواقع أن المناخ السياسي المحموم الذي خلقته انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة يعني أن العلاقات الثنائية الأكثر أهمية على مستوى العالم تتجه نحو اضطرابات حقيقية في عامنا هذا.

إن أميركا والصين يعيشان الآن نوعاً من الدمار الاقتصادي المتبادل المؤكد، وكل من الرئيسين يدرك هذه الحقيقة.. فالولايات المتحدة تحتاج إلى الصين لتمويل ديونها المتصاعدة، والصين تحتاج إلى الأميركيين لشراء منتجاتها.

والواقع أن الصدمة القصيرة الحادة التي استوعبتها الصين من الأزمة المالية الأخيرة أثبتت أن نموها الاقتصادي ما زال يعتمد على الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان - وسوف يستمر هذا الوضع على حاله لبعض الوقت.. ولا شك أن قادة الصين يودون أن يتمكنوا من تحويل نموذج النمو الصيني نحو الاعتماد بشكل أكبر على الاستهلاك المحلي، ولكن تحقيق هذه الغاية يتطلب مشروعاً طويل الأجل.. وهذا يعني أنهم في المستقبل المنظور سوف يعتمدون على المصنّعين المحليين في خلق فرص العمل التي تحمي أهداف التنمية في الصين.. واحتكار الحزب الشيوعي للسلطة السياسية المحلية.

وبسبب الخوف من إغلاق المصانع وخسارة الأجور.. سارعت الحكومة الصينية في العام الماضي إلى تطبيق برنامج تحفيز ضخم لحماية الوظائف واستعادة النمو.. ولقد نجح البرنامج، ونجحت الصين بفضل تعرضها القليل مقارنة بالغرب للأصول المصرفية السامة في العودة إلى السباق من جديد.. في حين ما زالت أميركا تناضل لإفلات قدميها من الورطة.

والواقع أن القيادة الصينية من جانبها سوف تكون راغبة في التعرف على السبب الذي يدفع أنصار السوق الحرة في واشنطن إلى التهديد بفرض تدابير الحماية.. فمع تسارع النمو في الصين، وتصاعد الإحباط الأميركي إزاء اختلال التوازن التجاري، واقتراب موعد الانتخابات، فإن المشرعين في كل من الحزبين الأميركيين سوف يهددون باتخاذ إجراءات عقابية ضد الصين فيما يتصل بمجموعة متنوعة من المواضيع.

ولقد تحركت إدارة أوباما بالفعل ضد الصادرات الصينية من الإطارات والمواسير الفولاذية، ولكن المواجهة في هذا العام سوف تمتد إلى ما هو أبعد من التجارة.. فحين يبدأ الكونجرس في مناقشة تغيّر المناخ على سبيل المثال، وحين ينادي بعض المشرعين بتطبيق نظام مقايضة الانبعاثات، فإن آخرين سوف يطالبون بمعرفة السبب الذي يحمل أميركا على قبول تعهدات ملزمة بالحد من الانبعاثات في حين يرفض الصينيون الالتزام بمثل هذه التعهدات.

إن قادة الصين، الذين لا تسمح لهم حالتهم المزاجية بلعب دور كبش الفداء، سوف يستغلون طفرة الكرامة الوطنية المتصاعدة لتعزيز موقفهم في المفاوضات.. لقد استثمرت الحكومة الصينية بكثافة في السنوات الأخيرة في الشركات المملوكة للدولة و(الشركات الوطنية) المملوكة للقطاع الخاص، لضمان ربح الصين من قوة الأسواق.. في حين تستمر القيادة الصينية في السيطرة على أعظم قدر ممكن من المغانم.. ولمساعدة الشركات المحلية الكبرى في زيادة نفوذها في السوق فإن الحكومة كثيراً ما تحابيها على حساب المنافسين الأجانب.. ولا شك أن التصريحات الأميركية المعادية والتحركات التجارية المعاكسة سوف تعطي قادة الصين العذر لتصعيد هذا التوجه.

كما تريد إدارة أوباما من الصين أن تتحمل المزيد من أعباء الزعامة الدولية.. وهذا يتضمن مساعدة الولايات المتحدة في الضغط على بلدان مثل إيران والسودان وميانمار، التي ما زالت مستمرة في تحدي إرادة المجتمع الدولي.. وهي البلدان التي أسست معها الشركات المملوكة للدولة الصينية علاقات تجارية مربحة تخدم المصالح الاقتصادية والسياسية للحكومة الصينية.. لكن قادة الصين الرافضين للتسوية، فيما يتصل بأي قضية قد تقوّض أهدافهم المحلية، مستمرون في المقاومة.

ولكن من غير المحتمل أن نشهد حرباً تجارية كاملة النطاق.. فكل من الحكومتين تدرك أن المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد في البلدين هائلة، وسوف يستمر أوباما والرئيس هو في العمل بجد في محاولة لإبقاء الأمور على مسار بنّاء.. ولكن لن يستطيع أيٌ من الرئيسين أن يضمن عدم اتخاذ الاتهامات المتبادلة واللوم لمسار خاص لا يمكن السيطرة عليه.

* إيان بريمر - رئيس مجموعة أوراسيا.. وديفيد جوردون - رئيس قسم البحوث بمجموعة أوراسيا
(خاص بالجزيرة)



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد