Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/02/2010 G Issue 13645
السبت 22 صفر 1431   العدد  13645
 
بين منافع ومساوئ الهجرة والاستقدام..!!
حسن اليمني

 

انتقال الإنسان من أرض إلى أرض، يساعد في أعمار وإحياء أرض المهجر, وتصنع مجتمع جديد هو في الغالب أكثر تطوراً وتمدناً من غيره، بحكم اختلاط وتمازج ثقافات ومهارات وقدرات أفراده، ولهذا لا زالت دول المهاجر الأساسية مثل الولايات الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزلندا تحاول استقطاب العقول والأموال المهاجرة، وهي في الغالب قادمة من دول التخلف والعالم الثالث، وبلغات وأديان وألوان مختلفة، لكنها وهي قادمة برغبتها واعتقاد بالقدرة على تحقيق طموحاتها إيماناً منها بسلامة نظم المجتمع التي قدمت إليه، تحرص وبشكل جاد على أن تتعلم اللغة وحتى العادات والتقاليد وأسلوب الحياة في عالمها الجديد، فتكون بذلك أفادت واستفادت.

وفي الاتجاه المعاكس نجد أن الدول المصدرة للمهاجرين, في الغالب تشتكي من سوء التخطيط الاقتصادي، الذي يعجز عن الاستفادة من قدرات العقول في الابتكار, وتحويل زيادة عدد السكان من عبء إلى مورد وأداة إنتاج وتنمية مثلما تفعل الصين الشعبية اليوم، فتغرق في الفشل وتكدس البشر, لتصبح الهجرة -بفهم خاطئ- في صالحها من خلال التحويلات المالية من مهجريها إلى ذويهم، وكأنها تستخدم جزءاً من شعبها لخدمتها بدلاً من العكس المنطقي، وأمثلة هذه الدول الفاشلة أكثر من أن يعد أو يحصى.

في بلادنا، ورغم حاجتنا للعقول والأيادي بحكم عدد السكان وبحكم انطلاقتنا نحو استثمار الموارد في التطوير والبناء، لم نفتح الباب للراغبين في الهجرة إلينا، حرصاً منا في المحافظة على أمن وسلامة الثقافة الاجتماعية ومعتقداتها وتقاليدها، ولكن استحدثنا نظاماً جديداً لتلبية هذه الحاجة بديلاً عن خيار فتح باب الهجرة، وهذا أدى بنا إلى استئجار أجساد متكدسة في مجتمعاتها، واستقدامها بضوابط وأنظمة توخت المصلحة العامة، وكان الهدف تلافي الإضرار بأمن وسلامة وانسجام المجتمع، وعدم تعريضه لخلخلة في تكوينه إلا بقدر ما يرى أنه خادم ومحقق لتطلعات البناء والتنمية والتطوير.

اليوم لدينا أكثر من سبعة ملايين شخص، مختلفي الألسن والوجوه والمعتقدات والعادات، في غالبيتهم محدودي القدرة إن لم نقل معدميها، لا في المهارة ولا في الفكر, وإذا كانت القاعدة الاقتصادية تقول (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة) فإن هذه العمالة أصبحت هي التي تملك سوق العمل بتلقفها وقفزها على فرص العمل والمهن الوطنية، وليس هذا وحسب ولكن فرضت لغاتها المختلطة مجتمعه (لو كان لها لغة) على المجتمع، لتصبح اللغة العربية في بعض الأحيان إشعاراً بالقصور وفي أحيان أخرى معيقة لقضاء الحاجيات وإنهاء الأعمال، كما أن هذه العملية قد جعلت بعض المنظمات الدولية تصمنا بالمتاجرة بالبشر، وإن كنا نعلم بزيف هذا الباطل, إلا أننا نعلم أن هذه العمالة وتحت مثل هذه الادعاءات، أصبحت جسورة وبشكل مجحف، على المواطن وعلى حقوقه وحتى على أنظمته الإجرائية والتنظيمية وتجاوزت ذلك إلى العبث بسلوكيات وأخلاقيات المجتمع وأفراده.

لو أننا وباستحداثنا نظام الاستقدام لسد الحاجة ودرء ما نراه ضار, جعلناه استقداماً عربياً، الذي يشتكي اليوم من البطالة وسوء الوضع الاقتصادي، لكنا حفظنا لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وفوق هذا خلقنا واقعاً اجتماعياً متلاحماً في شبه الجزيرة العربية، وأما العقول والأيادي الكفوءة فكان بالإمكان جذبها وتوطينها، وعلاوة على ذلك كنا فتحنا باب الهجرة لأصحاب رؤوس الأموال والاستثمار وأفدنا واستفدنا.



Hassan-alyemni@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد