الجزيرة - ياسر المعارك
طالب معالي وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة وضع آلية للتعاون الإعلامي الصحي وفق أطر منهجية عملية من خلال تحديد متحدث طبي معتمد من المؤسسات الطبية الكبيرة يكون مصدراً موثوقاً لإزالة أي غموض وتشكيل فرق استشارات طبية متخصصة في مجالات محددة تكون مهمتها الرد على المزاعم المطروحة في وسائل الإعلام والاتصال، وعمل موقع على الإنترنت كالمدونات يكتب فيها أطباء معتمدون يقومون بالرد على هموم وشكاوى الأفراد، إضافة إلى تنظيم ندوات وورش عمل لتأهيل الإعلاميين للتعامل مع التحديات الطبية بشكل مهني، وكذلك عمل المثل للأطباء في التعامل مع أجهزة الإعلام إضافة إلى إيجاد قاعدة بيانات للتواصل مع أفراد المجتمع بالوسائل الاتصالية الحديثة وتزويدهم بآخر الأخبار وتخصيص محرر في كل صحيفة ليتخصص بالمجال الصحي والتأكد من كل معلومة بشكل مهني.
جاء في كلمة ألقاها وزير الإعلام خلال حفل افتتاح ندوة الطب والإعلام بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني يوم أمس في قاعة الدكتور سمير بن حريب فيما وصف رئيس تحرير صحيفة الجزيرة خالد بن حمد المالك العلاقة بين وسائل الإعلام والصحافة بشكل خاص مع جميع القطاعات غير ثابتة؛ فتارة تتسم بالصفاء وأحياناً لا يكون مرضيا عنها وسط حالة من السخط وفق ما تتناقله الصحافة من طرح لبعض القضايا التي حدثت داخل الوسط الطبي. منوهاً أن الصحافة تبرز الأخبار الإيجابية من إنجازات وفعاليات بشكل أوسع وأكثر من المواد الصحافية السلبية مؤكداً أن الطرح النقدي لأي من مظاهر العيوب لا يرضي المسؤولين والمعنيين في المنشأة، إلا أنها تسهم في فتح المجال أمام الرأي العام في الكثير من القضايا.
وأشار المالك أن صحيفة الجزيرة كانت من أولى المؤسسات الصحفية التي بادرت في تخصيص صفحات طبية أسبوعية تهتم في نشر الوعي الصحي، وأن الجزيرة تتبع آلية التعاون مع مراكز صحية أهلية في التحقق من المعلومات الصحية لنتجنب العديد من المواضيع التي تثير الذعر ولا يتم نشر أي خبر إلا بعد أن تكون المعلومة موثقة من جهة لها صفتها الاعتبارية العلمية.
فيما قال جميل الذيابي مدير عام صحيفة الحياة في السعودية والخليج: إن هيئة الغذاء والدواء لعبت دوراً إعلامياً جيداً في سرعة التعامل الرصين مع المستجدات الصحية التي تتعلق بالمستجدات وبرزت في تعاطيها على مستوى واسع من النقاش والطرح من زوايا مختلفة.
وكشف الذيابي عن سلوك معظم شركات العلاقات العامة التي تتولى النشر الإعلامي الصحي لبعض الجهات حيث تعمد إلى تمرير أخبار تجارية، وأشار الذيابي أن الدعاوى الطبية ازدادت إلى 817 دعوة خلال العام المنصرم.
وأشار الذيابي أن العلاقة بين الإعلام والطب علاقة تكاملية تهدف إلى خدمة المجتمع ككل وأن تكون بعيدة عن التعارض والخصام. فيما وضع الإعلامي والكاتب الصحافي محمد الخازم مواقع القصور في ملعب القطاع الصحي الذي لا يبادر في تقديم المعلومات ومواكبة المستجدات بالشكل المطلوب، وأيضاً لا تتجاوب بالسرعة المطلوبة مع استفسارات الصحافيين ما يؤدي إلى خلل ونقص في طرح المعلومة. ووجه الخازم اتهاما إلى الإعلام بشكل عام والصحافي بشكل خاص، أنه يميل إلى الدعاية على حساب النقد.
وقال وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة: إن الإعلام احتل مكانة متميزة في مساحة تفكير الإنسان لأنه يغذي العقل بالمعلومات، وأضحت القيمة المضافة لسعة أفق الفرد مرتبطة بما لديه من معلومات ونحن نعيش الآن في عصر فيه الكثير من التحديات وأهمها الكم الهائل من المعلومات التي تدور في فلكنا وتكاد تكون متضاربة في بعض الأحيان وغير مقنعة، ولهذا دعت الأمم المتحدة ممثلة في المؤتمر العالمي لمجتمع المعلومات من إنشاء مبادرات وطنية أهمها اللجان الوطنية لمجتمعات المعلومات والتي تخدم في المجال الأول خلق الوعي لهذه المعلومات والتحقق من صحتها، والحمد لله وبفضله أنشأ المقام السامي اللجنة الوطنية لمجتمع المعلومات بالمملكة.
وأضاف خوجة: إنه لا يخفى على الجميع أن الطب يلعب دوراً رئيسياً وحيوياً في حياة الأفراد والمجتمعات كونه مرتبط بشكل وثيق بسعادة الإنسان وألمه فهو الطريق إلى الصحة (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء). من هنا أصبح في دائرة الضوء وبشكل مزعج في بعض الأحيان ولكنها الحقيقة التي لا يمكن أن نخفيها، ولعل التنافسات التي تحدث داخل المحافل الطبية وهي سنة حسنة تدل على حراك علمي أكاديمي وهذه التنافسات قد تخلق اختلافا للرأي المهني وهي ظاهرة صحية جيدة؛ إلا أنها تُفهم من غير المهنيين بشكل مختلف، ويجد هذا الفهم المنقوص طريقه للأسف في بعض الأحيان إلى الفضاء الإعلامي سواء التقليدي منه أو الموازي كالمنتديات الإلكترونية.
مشيراً خوجة إلى أنه يجب أن نعي التحولات الجذرية في صناعة الإعلام من التواصل الجماهيري إلى الصحافة الفردية فككت القيود وزادت من عبء المسؤولية على المنظمات بشكل عام والأفراد بشكل خاص. ولو حاولنا تشخيص الحالة - حسب المفردات الطبية المستخدمة في مهنتكم - لوجدنا عدة أمور يجب الانتباه لها:
1- إن صحافة الأفراد بالمنتديات أو المواقع الشخصية تلقى قبولا واستحسانا كبيرا من قبل أفراد المجتمع السعودي.
2- إن هذه الصحافة تفتقد إلى الموثوقية والتحقق وهذا مبدأ مرفوض في أي مهنة كانت.
3- بالنسبة للصحافة الورقية عليها دور مهم، ولكن يجب أن لا تقوم بدور بعض الصحف الالكترونية قبل التوثيق من نشر المعلومات الطبية.
4- لا توجد مرجعيات مهنية توضح الأمور وترجعها إلى نصابها.
5- تتخذ أساليب الرد في بعض الأحيان جانباً مبهماً أو غير شفاف لاطلاع المجتمع على قضية ما مغفلين أن المعلومة أصبحت متنوعة المصادر ما يفسح مجالاً للإشاعة وترويج الأكاذيب.
6- ضعف الوعي الصحي والطبي إعلامياً وضعف مستوى طرحه على الوسائل الإعلامية.
7- محدودية الإعلاميين المحترفين المتخصصين في المواضيع الطبية والصحية.
وقد تبع ذلك التشخيص الكثير من الممارسات التي بقيت معلقة واستفاد منها دخلاء الإعلام في خلق قصص يتعيشون عليها أو يبنون عروشهم منها وللأسف كان الجانب المهني مغيباً أو متخاذلاً في توضيح الأمر أو اتخاذ موقف حازم منه. ومن جملة هذه المواضيع:
- الأخطاء الطبية وكيف يمكن التصدي لها.
- الأمراض الأكثر شيوعاً ومدى توفر علاجاتها في المملكة.
- الخدمات الطبية وتطورها في المملكة.
- عدم كفاءة الأطقم الطبية العاملة.
- مشاكل التمريض وكيفية التعامل معها, وغيرها من المواضيع.
وتبرز أهمية هذا الطرح في هذه المواضيع التي تراكمت عبر الوقت ولم تجد المهنيين البارزين لإيضاح وجهة النظر المعتمدة والموثقة. نحن في وزارة الثقافة والإعلام نعمل جاهدين لإيصال الرأي الطبي المهني المعتمد إلى الرأي العام عبر جميع الوسائل، وقد لا نكون حققنا النجاحات الكبيرة التي نطمح لها كمجتمع سعودي أو نستعرض المشهد الزماني والمكاني لمدى تطور الطب في مملكتنا الحبيبة وما قدمته قيادة هذا البلد الرشيد لراحة أفراده ومجتمعاته والحافظ عليهم طبياً وصحياً، ولكننا نسعى إلى أن نصل إلى مستوى يمكن أن نعتبر أنفسنا قد عبرنا فيه عن هذه القفزات الحضارية بشكل مرضي للجميع سعياً منا لخلق ثقافة طبية وصحية متميزة. ونحن في الوزارة لم نأل جهداً في الوقوف على كل شكوى صحفية تتقدم بها المؤسسات الصحية أو الطبية ضد أحد أجهزتنا الإعلامية واتخاذ موقف حاسم لصالح هذه المؤسسات إذا اتضح صحة الشكوى.
مشاهدات
أبدى الإعلاميون إعجابهم بمستوى التنظيم والإعداد الجيد للندوة من خلال دعوة المتميزين بالإدارة الطبية ورجال الإعلام محاور الندوة.
حضور كثيف من قبل الأطباء والإعلاميين أبدوا سعادتهم بهذه الندوة وموضوعها الهام الذي يتعلق بشكل مباشر بالقطاع الطبي الإعلامي.
شهدت الندوة مداخلات حارة وتفاعلا كبيرا من الحضور، ووضعت العديد من النقاط على الحروف حول آلية عمل الصحافة.
المطالبة بإعادة تنظيم هذه الندوة وإقامتها كل عام لتعزيز الوعي الإعلامي الصحي.
وزير الإعلام خوجة يتألق بالكلمة التي ألقاها والتي تضمنت علاجا وتصحيحاً لما يجب عليه أن تكون علاقة الإعلام بالصحة.