من أكثر العبارات التي سمعها منظمو مؤتمري لندن لمواجهة الإرهاب في أفغانستان واليمن هو أن العمل العسكري لم يعد وحده كافياً لاستئصال الإرهاب، فبالإضافة إلى معالجة الأسباب والجذور التي تغذي الإرهاب والتي أدت أصلاً لانطلاقه وبداياته وخصوصاً في إنهاء الأزمات والقضايا الدولية والإقليمية المزمنة التي ظلمت بها الأمم والشعوب وللمسلمين النصيب الأوفر من هذا الظلم، فإن الحوار والعمل على تحقيق تسوية بعيداً عن لغة الرصاص تكون دائماً وسيلة ناجعة لتحقيق الأهداف المطلوبة.
هكذا كانت رؤية أهل الحكمة والرأي والفكر في اليمن الذين يرون أن أكثر الأساليب تعقيداً وتطويلاً للحرب وأكثرها دعماً لإرهاب القاعدة هو تغذية الصراع معهم بالقتال، فاللجوء إلى القوة العسكرية والاستعانة بقوات أجنبية للقضاء على جملة مقاتلين في أغلبهم محليون سيؤجّج القضية ويكبّر القاعدة وأنصارها، ولهذا فإنهم طالبوا باعتماد الدعم الاقتصادي ومعالجة الأوضاع الاجتماعية وتوفير فرص عمل تبعد العاطلين عن الذين يوفرون مهن القتل.
قادة أفغانستان وأهل الحل والربط وكثير من مفكريها يرون في النزوع إلى الحوار ونبذ القتال، أفضل وسيلة للقضاء على الإرهاب أولاً وتعافي أفغانستان، ولقد وجد أنه كلما صعّدت الأعمال العسكرية والمواجهة ضد عناصر طالبان تعقدت المسألة، فطالبان سواء اقتنع الذين يحاربونها أو لم يقتنعوا، هم جزء كبير من النسيج السياسي الأفغاني وتجاهلهم ومحاربتهم لا يحقق التسوية، إلا إذا قتلتهم جميعهم، وهو ما يعني قتل ثلاثة أرباع (الباشتون) القبيلة الأكبر في أفغانستان.
إذن فإن الأفضل والأكثر فائدة لأفغانستان ولحكام أفغانستان وأهلها وقوات (ايساف) الدولية التي تحارب الإرهاب في أفغانستان أن تجد وسيلة لإدماج طالبان في العملية السياسية بدلاً من مواصلة الحرب.
الرئيس كارازي عرض على زعماء طالبان المعتدلين (التحاور) ويبدو أن لديه إجابات مشجعة، فعلى الحلفاء من أمريكيين وبريطانيين أن يشجعوه على ذلك، وعلى أشقاء أفغانستان من المسلمين أن يدفعوا الأفغان حكاماً ومحاربين إلى انتهاج الحوار ونبذ القتال لتعود أفغانستان كما يريدها أهلها.
jaser@al-jazirah.com.sa