Al Jazirah NewsPaper Wednesday  03/02/2010 G Issue 13642
الاربعاء 19 صفر 1431   العدد  13642
 
فاصل إعلامي
الصحافة الورقية
محمد إبراهيم الماضي

 

عندما أشاهد الفضائيات اليوم وهي تقدم الخبر والحدث فور وقوعه وتظل تتابع أحداثه وتطوراته لحظة بلحظة ومباشرة على الهواء ولا تكتفي بذلك فقط بل وتعمد خلال ذلك إلى تقديم التحليل والتفسير لهذه الأخبار عبر اللقاء مع الخبراء والمتخصصين عرباً وأجانب ومن كل دول العالم وبحيث يخرج المشاهد في النهاية وهو يحيط بالخلفية الكاملة والدوافع المسببة لهذا الخبر أو ذاك ثم أيضاً لا تكتفي بذلك بل وتقوم بتقديم إضافات أخرى لهذا الخبر عبر إجراء اللقاء مع الشخصيات الفاعل والتي لها علاقة وصلة بهذا الخبر بحيث أصبح ملفتاً للأنظار.

إن هذه الفضائيات أخذت تقدم معظم إن لم يكن كل الفنون الصحفية المختلفة من إذاعة للخبر إلى تقديم التحليل والتعليق وغرض للتقرير والتحقيق وغيرها هذا التقدم الكبير والسريع في التعامل مع الأحداث وتقديمه باحترافية ومهنية عالية من قبل الفضائيات بات يشكل تحدياً خطيراً وتهديداً حقيقاً للصحافة الورقية.. فما الذي يمكنها بعد ذلك أن تقدمه في صباح اليوم التالي وتنافس به هذه الفضائيات التي عرضت الأخبار وأعادة عرضها مرات عديدة بحيث أصبحت أخباراً قديمة ومحروقة حسب العرف الصحفي في ظل هذا الواقع الصعب للصحافة الورقية كيف يمكن لها تجاوزه والخروج من أسره؟

بداية أعتقد أن على هذه الصحف إعادة النظر جدياً في كيفية التعامل مع الأحداث والتفكير إبداعياً في تطوير أسلوب وتشكل عرض الخبر بحيث يرى فيه القارئ إضافة جادة لما سبق وأن شاهده واستمع إليه وليس إعادة نشر وتكرار ممل لما سبق وأن عرفه سابقاً.

مثلاً.. ما الذي يمنع هذه الصحف من إجراء تغيير إخراجي لصفحتها الأولى وبحيث تكون الصورة الفوتغرافية هي العامل الرئيسي والكبير في احتلال معظم مساحة هذه الصفحة ثم يتم بعد ذلك صياغة الخبر بشكل مختصر ومركز في زوايا الصور المصاحبة للأخبار الهامة والتي يجب اختيارها بعناية فصورة واحدة معبرة قد تغني عن كثير من الكلمات وهكذا الحال مع بقية الصفحات الأخرى من الجريدة.

في ظل هذا الواقع يبدو أن الصحافة الورقية سوف تكون صحافة رأي بشكل كبير في ظل تراجع أهمية الخبر الذي أصبح محتكراً بشكل كبير من قبل الفضائيات.

وبما أن الصحافة الورقية تشهد اليوم محنة حقيقية في مواجهة مد فضائي طاغ إلا أن كل محنة تحمل في قضاياها منحة وقد تكون هذه المنحة هو في تقديم هذه الصحف لمزيد من الابتكار فالإعلام في النهاية هو إبداع وتجديد وبحث مستمر ودؤوب عن كل جديد ومفيد.

مستشار إعلامي


Malamadi777@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد