رحم الله الشيخ صالح الحناكي وأسكنه فسيح جناته، فقد كان مثالاً للرجل المخلص تجاه وطنه وبلده، وجهوده الخيِّرة انتفع بها نفر كثير من محتاجي وفقراء هذه البلاد، بل عدد من البلدان العربية والإسلامية.الشيخ صالح الحناكي - رحمه الله - نموذج رائع للشخصية المثابرة والعصامية، التي بنت ذاتها بذاتها، فرغم أن مزاولته للتجارة كانت بتأثر من والده (مطلق) رحمهما الله جميعاً والذي كان يجلب المواد الغذائية من خارج المملكة وتحديداً من الكويت إلا أن الشيخ صالح الذي بدأ مع والده في سن الثانية عشرة قد فاقه في المعرفة والدراية بأمور التجارة وهو يفتتح محلاً لبيع المواد الغذائية وهو لم يكمل عامه التاسع عشر بعد، حيث أكمل مسيرة والده وجده (ناصر) - رحمهما الله - في الاتجار بالمواد الغذائية بجلبها من الكويت والعراق قبل أن يفتتح ميناء جدة الإسلامي وتبدأ تجارته تأخذ بعداً آخر بدخوله كأول المستثمرين بجلب السيارات وبيعها من سوريا وخصوصاً سيارات فورد ومرسيدس، ثم تنمية تجارته رغم عدم سفره هناك.
ولقد حرصت أثناء إدارتي لمجلة القصيم ومن خلال زاوية (مشوار حياة) على الالتقاء بالرجال المتميّزين من رجالات المنطقة، ومحاولة تسجيل تجاربهم المتميزة في بناء الذات والتحديات التي عايشوها حتى وصلوا إلى مكانة مرموقة ومتميزة في المجتمع، وكان الشيخ صالح الحناكي - رحمه الله - أولى تلك الشخصيات التي حرصت على لقائها واستقبلني في قصره بحفاوة بالغة واستقبال كريم لم أستغربه منه - رحمه الله - وعلمت يومها أنه يحرص على الجلوس واستقبال المحبين له من الأقارب وأبناء المجتمع وكان - رحمه الله - يقضي حوائجهم في ذلك المجلس، ولقد كان ذلك الحوار الذي أمتعني به الشيخ - رحمه الله - وسرد فيه قصة كفاحه وتعبه منذ أن بدأ مشوار التجارة مع والده - رحمه الله - في سن مبكرة في الثانية عشرة، ثم تسلّمه إدارة المحل من والده وهو ابن التاسعة عشرة واستعراض المحطات المضيئة في حياته، والتي رسمت معالم شخصيته وتفوقه - رحمه الله -.ولقد اكتشفت في ذلك اللقاء جملة من السمات الرائعة التي أسهمت في تحقيق الشيخ صالح الحناكي - رحمه الله - لجملة من النجاحات والإنجازات على الصعيد الشخصي أو على الصعيد المجتمعي، حيث أشار - رحمه الله - إلى أن من أهم تلك السمات التوكل على الله عزَّ وجلَّ في كافة الأعمال، مما جعله لا تضايق في حال حدوث شيء ما ويترك أمور التفكير في القرار الذي يتخذه أياً كانت نتيجته، وأذكر أنه - رحمه الله - شدَّد على أهمية القوة في اتخاذ القرار وعدم التردد فيه لأن (التردد لا يأتي إلا بالنقص)،
كما قال - رحمه الله - حيث يرى أن المبادرة في القرار وعدم التردد مع التخطيط والتفكير غير الطويل وغير المعوق عن العمل إحدى سمات التاجر الناجح، مع التأكيد على أن يكون التاجر صادقاً مع الآخرين ونزيهاً و(من يصدق مع الناس يصدق الناس معه ويوفّقه الله).وجهوده - رحمه الله - في عمل الخير واضحة ومعروفة لكل من عرف تلك الشخصية، ووقوفه مع الكثيرين من المحتاجين والفقراء ومساعدتهم أمر معروف عنه، إضافة لمعوناته للجمعيات الخيرية، كما تعد مساهمته بتنفيذ مركز علاج الكلى في الرس من أجل الأعمال التي قدمها - رحمه الله - لأبناء مدينته والقرى القريبة منها، ويقول - رحمه الله - عن ذلك إن (مشاركة التجار في العمل الخيري واجبة ومطلوبة والمحسنون موجودون في كل مكان ولله الحمد). رحم الله الشيخ صالح الحناكي وأسكنه فسيح جناته، وجعل كل ما قدَّم من عمل خيري في موازين حسناته، وصادق العزاء أسوقه لأبنائه وأسرته الكريمة، سائلاً الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.